وقصص، وجدل، ومثل، وما أشبه ذلك من المعاني التي لم تجتمع في كتاب أنزل إلى الأرض من السماء.
فمهما يكن فيه من إطالة على نحو ما في أم القرآن، فلما وصفت قبل من أن الله جل ذكره أراد أن يجمع - برصفه العجيب، ونظمه الغريب، المنعدل عن أوزان الاشعار، وسجع الكهان، وخطب الخطباء، ورسائل البلغاء، العاجز عن وصف مثله جميع الأنام، وعن نظم كل العباد - الدلالة (1) على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبما فيه من تحميد وتمجيد وثناء عليه، تنبيه (2) للعباد على عظمته وسلطانه وقدرته وعظم مملكته، ليذكروه بآلائه ويحمدوه على نعمائه، فيستحقوا به منه المزيد ويستوجبوا عليه الثواب الجزيل. وبما فيه من نعت من أنعم عليه بمعرفته، وتفضل عليه بتوفيقه لطاعته، تعريف (3) عباده أن كل ما بهم من نعمة في دينهم ودنياهم فمنه، ليصرفوا رغبتهم إليه، ويبتغوا حاجاتهم من عنده بمن خالف أمره من عقوباته، ترهيب (4) عباده عن ركوب معاصيه، والتعرض لما لا قبل لهم به من سخطه، فيسلك بهم في النكال والنقمات سبيل من ركب ذلك من الهلاك. فذلك وجه إطالة البيان في سورة أم القرآن، وفيما كان نظيرا لها من سائر سور الفرقان، وذلك هو الحكمة البالغة والحجة الكاملة.
182 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا المحاربي، عن محمد بن إسحاق، قال:
حدثني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبي السائب مولى زهرة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال مجدني عبدي، فهذا لي. وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين - إلى أن يختم السورة - قال: فذاك له " (5).