2 - احتمل بعض المفسرين أن الآية الأخيرة ليست ناظرة إلى نبي الإسلام، بل ترتبط بنوح (عليه السلام) نفسه، لأن جميع هذه الآيات تتحدث عن نوح (عليه السلام)، والآيات المقبلة تتحدث عنه أيضا، فمن الأنسب أن تكون هذه الآية في نوح (عليه السلام)، والجملة الاعتراضية خلاف الظاهر، ولكن مع ملاحظة ما يلي:
أولا: إن شبيه هذا التعبير وارد في سورة الأحقاف الآية (8) في نبي الإسلام.
ثانيا: جميع ما جاء في نوح (عليه السلام) في هذه الآيات كان بصيغة الغائب، ولكن الآية - محل البحث - جاءت بصيغة المخاطب، ومسألة الالتفات - أي الانتقال من ضمير الغيبة إلى المخاطب - خلاف الظاهر، وإذا أردنا أن تكون الآية في نوح (عليه السلام) فإن جملة " يقولون " بصيغة المضارع، وجملة " قل " بصيغة الأمر، يحتاجان كليهما إلى التقدير!
ثالثا: هناك حديث في تفسير البرهان في ذيل هذه الآية عن الإمامين الصادقين الباقر والصادق (عليهما السلام) يبين أن الآية المتقدمة نزلت في كفار مكة.
من مجموع هذه الدلائل نرى أن الآية تتعلق بنبي الإسلام، والتهم التي وجهت إليه كان من قبل كفار مكة، وجوابه عليهم.
وينبغي ذكر هذه المسألة الدقيقة، وهي أن الجملة الاعتراضية ليست كلاما لا علاقة له بأصل القول، بل غالبا ما تأتي الجمل الاعتراضية لتؤكد بمحتواها مفاد الكلام وتؤيده، وإنما ينقطع ارتباط الكلام أحيانا لتخف على المخاطب رتابة الإيقاع وليبعث الجدة واللطافة في روح الكلام، وبالطبع فإن الجملة الاعتراضية لا يمكن أن تكون أجنبية عن الكلام بتمام المعنى، وإلا فتكون على خلاف البلاغة والفصاحة، في حين أننا نجد دائما في الكلمات البليغة والفصيحة جملا اعتراضية.
3 - من الممكن أن يرد هذا الإشكال عند مطالعة الآية الأخيرة، وهو قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو نوح (عليه السلام) للكفار: إن يكن هذا الكلام افتراء فإثمه علي. ترى هل يعني قبول مسؤولية الإثم " الافتراء " أن كلام الكفار حقا ومطابقا للواقع، وعلى الناس