والانحراف الدائمي وعدم العودة إلى الحق، اللجاجة المستمرة والإصرار على الذنوب والعداء الدائم لطلاب الحق والقادة الصادقين.. كل هذه الأمور تلقي على فكر الإنسان حجابا يفقده القدرة على رؤية أقل شعاع لشمس الحقيقة والحق، ولأن هذه الحالة من نتائج الأعمال التي يقوم بها الإنسان، فلا تكون دليلا على الجبر، بل هي عين الاختيار، والذي يتعلق بالله تعالى أنه جعل في مثل هذه الأعمال أثرا.
هناك آيات عديدة في القرآن تشير إلى هذه الحقيقة، وقد أشرنا إلى ذلك في ذيل الآية (7) من سورة البقرة وآيات أخرى يمكن مراجعتها..
وفي آخر الآية - محل البحث ورد كلام بمثابة الجملة المعترضة ليؤكد المواضيع التي بحثت قصة نوح في الآيات السابقة واللاحقة، فتبين الآية أن الأعداء يقولون: إن هذا الموضوع صاغه " محمد " من قبل نفسه ونسبه إلى الله أم يقولون افتراه.
ففي جواب ذلك قل يا رسول الله: إن كان ذلك من عندي ونسبته إلى الله فذنبه علي قل إن افتريته فعلي أجرامي ولكني برئ من ذنوبكم وأنا برئ مما تجرمون.
* * * 2 ملاحظات 1 - " الإجرام " مأخوذ من مادة " جرم " على وزن " جهل " وكما أشرنا إلى ذلك - سابقا - فإن معناه قطف الثمرة غير الناضجة، ثم أطلقت على كل ما يحدث من عمل سئ، وتطلق على من يحث الآخر على الذنب أنه أجرم، وحيث أن الإنسان له ارتباط في ذاته وفطرته مع العفاف والنقاء، فإن الإقدام على الذنوب يفصل هذا الارتباط الإلهي منه.