ولادته وأمه في طفولته، فإن من الواضح أن احترام الوالدين طرح هنا كقانون عام بالرغم من أن المخاطب ظاهرا هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وكذلك نقرأ في سورة الطلاق: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء وهذا التعبير لا يدل على أن النبي قد طلق امرأة في حياته، بل هو بيان قانون عام، والبديع في هذا التعبير أن المخاطب في بداية الجملة هو النبي، وفي نهايتها كل الناس.
ومن جملة القرائن التي تؤيد أن المقصود الأساس في الآية هم المشركون والكافرون، الآيات التي تتلو هذه الآية والتي تتحدث عن كفر وجحود هؤلاء.
ويلاحظ نظير هذا الموضوع في الآيات المرتبطة بالمسيح، عندما يسأله الله يوم القيامة: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟ فإنه ينكر هذه المسألة بصراحة، ويضيف: إن كنت قلته فقد علمته سورة المائدة من الآية (116).
ثم تضيف الآية التالية: ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين من بعد ما اتضحت لك آيات الله وصدق هذه الدعوة.
إن الآية السابقة تقول بأنك إن كنت في شك فاسأل أولئك المطلعين العالمين، وتقول هذه الآية بأنك يجب أن تسلم مقابل هذه الآيات بعد أن ارتفعت عوامل الشك، وإلا فإن مخالفة الحق لا عاقبة لها إلا الخسران.
إن هذه الآية قرينة واضحة على أن المقصود من الآية السابقة هم عموم الناس بالرغم من أن الخطاب موجه إلى شخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأن من البديهي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن يكذب الآيات الإلهية مطلقا، بل كان المدافع المستميت الصلب عن دينه.
ثم أنها تخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن من بين مخالفيك جماعة متعصبين عنودين لا فائدة من انتظار إيمانهم، فإنهم قد مسخوا من الناحية الفكرية، وتوغلوا في طريق الباطل إلى الحد الذي فقدوا معه الضمير الإنساني الحي تماما، وتحولوا إلى