الروح، لا من الخارج وبواسطة السيف، خاصة وأنها حذرت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من إكراه وإجبار الناس على الإيمان والإسلام.
الآية التالية قد ذكرت هذه الحقيقة أيضا، وهي أن البشر وإن كانوا أحرارا في اختيارهم، إلا أنه وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ولهذا فإن هؤلاء قد ساروا في طريق الجهل وعدم التعقل، ولم يكونوا مستعدين للاستفادة من رأس مال فكرهم وعقلهم، وسوف لا يوفقون للإيمان وهم على هذا الحال، إذ ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون.
* * * 2 ملاحظتان 1 - من الممكن أن يتصور في البداية أن هناك تنافيا وتضادا بين الآية الأولى والثانية، إذ أن الآية الأولى تقول: إن الله لا يجبر أحدا على الإيمان، في حين أن الآية الثانية تقول: إن أحدا لا يمكن أن يؤمن حتى يأذن الله!
إلا أن التنبه إلى نكتة واحدة يرفع هذا التضاد الظاهري، وهي أننا نعتقد بأن الجبر غير صحيح، كما أن التفويض غير صحيح أيضا، أي أن الناس ليسوا مجبورين تماما على أعمالهم، ولا هم متروكون وأنفسهم يعملون ما يشاؤون، بل إنهم في الوقت الذي يكونون فيه أحرارا في الإرادة، فإنهم في حاجة للمعونة الإلهية، لأن الله سبحانه هو الذي يعطيهم حرية الإرادة، فالعقل والوجدان الطاهر هما من مواهبه وعطاياه، وإرشاد الأنبياء وهدايه الكتب السماوية من جانبه أيضا، وبناء على هذا ففي عين حرية الإرادة والاختيار، فإن منبع هذه الهبة وما ينتج عنها من جانب الله سبحانه. دققوا ذلك.
2 - إن آخر جملة من الآية الأخيرة، أي ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون لا ينبغي أن تفسر بمعنى الجبر مطلقا، لأن جملة لا يعقلون دليل