الحق. لأنه يصب في طريق تقوية دعائم الظلم والجور، فأي شخص لم يكن يعلم أن فرعون غاصب وظالم ومفسد؟ ومعه ألا تعتبر خدمة مثل هذا الجهاز الحاكم مشاركة في ظلمه وفساده؟ وهل يمكن أن يكون عمل هؤلاء صحيحا وإلهيا؟ كلا مطلقا، وبناء على هذا كان من الواضح أن الله سيبطل هذه المساعي المفسدة.
هل أن التعبير ب " سيبطله " دليل على أن السحر حقيقة واقعية، إلا أن الله يبطله؟
أم أن المقصود من الجملة هو أن الله يكشف كون السحر باطلا؟
إن الآية (116) من سورة الأعراف تقول: إن سحر السحرة قد أثر في أعين الناس فخوفوهم به: فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وهذا التعبير لا ينافي أن يكون هؤلاء قد أوجدوا نوعا من الحركات الواقعية في تلك الحبال والعصي بواسطة سلسلة من الوسائل المرموزة كما وقع ذلك في المفهوم والمعنى اللغوي للسحر، وخاصة بالاستفادة من الخواص الفيزيائية والكيميائية للأجسام المختلفة، إلا أن من المسلم به أن هذه الحبال والعصي لم تكن موجودات حية كما ظهرت أمام أعين الناس، كما قال القرآن في سورة طه الآية (66): فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى. بناء على هذا، فإن بعض تأثير السحر واقعي، والبعض الآخر وهم وخيال.
وفي الآية الأخيرة، إن موسى قال لهؤلاء: إن النصر والغلب لنا في هذه المبارزة حتما. لأن الله سبحانه قد وعد أن يظهر الحق بواسطة المنطق القاطع، ومعجزات أنبيائه القاهرة، ويفضح ويخزي المفسدين وأهل الباطل وإن كره المجرمون ذلك:
ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون.
والمراد من " كلماته " إما وعد الله بنصرة الرسل وإحقاق الحق، أو معجزاته القاهرة القوية (1).
* * *