وأبطل تهمتهم، ففي البداية: قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا (1).
صحيح أن لكل من السحر والمعجزة نفوذا وتأثيرا، وأن من الممكن أن يؤثر الحق والباطل على ادراكات الناس ونفسياتهم، إلا أن السحر الذي هو أمر باطل يتميز تماما عن المعجزة التي هي حق، إذا لا يمكن المقارنة بين نفوذ الأنبياء ونفوذ السحرة، فإن أعمال السحرة تفتقد إلى الهدفية ومحدودة ولا قيمة لها، ومعجزات الأنبياء لها أهداف إصلاحية وتغييرية وتربوية واضحة، وتعرض بشكل واسع وغير محدود.
إضافة إلى أنه: ولا يفلح الساحرون وهذا التعبير دليل آخر على امتياز عمل الأنبياء عن السحر. ففي الدليل السابق أثبت اختلاف السحر والمعجزة ووجه وهدف الاثنين وافتراق أحدهما عن الآخر، أما هنا فإن الدليل يستعين لإثبات المطلب باختلاف حالات السحرة وأصحاب المعاجز.
إن السحرة، وبحكم عملهم وفنهم الذي له صفة الانحراف والإغفال، أفراد انتهازيون يفكرون في الربح، يستغفلون الناس ويخادعونهم، ويمكن معرفتهم من خلال أعمالهم. أما الأنبياء فهم رجال يطلبون الحق، حريصون على هداية الناس، مطهرون، لهم هدف وغاية، ولا يهتمون بالأمور المادية.
إن السحرة لا يرون وجه الفلاح مطلقا، ولا يعملون إلا من أجل المال والثروة والمنصب والمنافع الشخصية، في حين أن هدف الأنبياء هداية خلق الله وإصلاح المجتمع الإنساني من جميع جوانبه المادية والمعنوية.
ثم يستمر فرعون وملؤه في رمي موسى (عليه السلام) بسيل الاتهامات الصريحة، حيث قالوا: أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا. الواقع، أنهم قدموا صنم " سنة