المسائل، سواء كانت في العقائد الدينية، أو البرامج الاجتماعية، أو حفظ الحقوق، أو محاربة الجهل، أو الدعوة إلى الحق والعدالة، وكذلك إحياء القيم الأخلاقية وأمثال ذلك، سوى أن الكتاب الذي ينزل متأخرا يكون أرفع مستوى وأكمل من السابق، تماما كاختلاف مراحل التعليم في الابتدائية والإعدادية والجامعة، حتى انتهت المراحل بالكتاب الأخير الخاص بالمرحلة النهائية لتحصيل الأمم الديني، ألا وهو القرآن.
ولا شك في وجود الاختلاف في جزئيات الأحكام بين الأديان والمذاهب السماوية، إلا أن الكلام عن أصولها الأساسية المتحدة والمشتركة في كل مكان.
وذكر في الآية التالية دليل ثالث على أصالة القرآن، وخاطبت الذين يدعون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد افترى هذا القرآن على الله، بأنكم إن كنتم صادقين في دعواكم فأتوا بسورة من مثله، واستعينوا في ذلك بمن شئتم غير الله، ولكنكم لا تستطيعون فعل ذلك أبدا، وبهذا الدليل يثبت أن القرآن من وحي السماء أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين.
إن هذه الآيات من جملة الآيات التي تبين إعجاز القرآن بصراحة، لا إعجاز كل القرآن فحسب، بل حتى إعجاز السورة الواحدة، وقد خاطبت كل العالمين - بدون استثناء - بأنكم إن كنتم معتقدين بأن هذه الآيات ليست من الله فأتوا بمثله، أو بسورة منه على الأقل.
وكما بينا في المجلد الأول في ذيل الآية (23) من سورة البقرة، فإن آيات القرآن تتحدى أحيانا أن يؤتى بمثل كل القرآن، وأحيانا بعشر سور، وأحيانا بسورة واحدة، وهذا يوضح أن جزء القرآن وكله معجز. ولما لم تعين الآية سورة معينة فإنها تشمل كل سورة من القرآن.
طبعا لاشك أن إعجاز القرآن لا ينحصر في جوانب الفصاحة والبلاغة وحلاوة البيان وكمال التعبيرات كما ظن ذلك جماعة من قدماء المفسرين، بل إن جانب