ولكن القرآن يجيبهم بلهجة قاطعة، ويقول ضمن تقسيم الناس إلى طائفتين:
فأما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون.
وهذا على خلاف المنافقين ومرضى القلوب من الجهل والحسد والعناد وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم.
وفي النهاية، فإن هؤلاء بعنادهم يغادرون الدنيا على الكفر: وماتوا وهم كافرون.
* * * 2 ملاحظات وهنا ملاحظات ينبغي التنبه لها:
1 - إن القرآن الكريم يؤكد من خلال هاتين الآيتين على حقيقة، وهي أن وجود البرامج والقوانين الحياتية لا تكفي بمفردها لسعادة فرد أو جماعة، بل يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار وجود الأرضية المهيئة والاستعداد للتلقي كشرط أساسي.
إن آيات القرآن كقطرات المطر تصيب الحديقة الغناء والأرض السبخة، فالذين ينظرون إلى الحقائق بروح التسليم والإيمان والعشق، يتعلمون من كل سورة - بل من كل آية - درسا يزيد في إيمانهم، ويفعل سمات الإنسانية لديهم.
أما الذين ينظرون إلى هذه الآيات من خلف حجب العناد والكبر والنفاق، فإنهم لا يستفيدون منها، بل وتزيد في كفرهم ورجسهم. وبتعبير أخر فإنهم يعصون كل أمر فيها ليرتكبوا بذلك معصية جديدة تضاف إلى معاصيهم، ويواجهون كل قانون بالتمرد عليه، ويصرون على رفض كل حقيقة، وهذا هو سبب تراكم المعاصي والآثام في وجودهم، وبالتالي تتجذر هذه الصفات الرذيلة في كيانهم، وفي النهاية اغلاق كل طرق الرجوع بوجوههم وموتهم على الكفر.