والأمر الثاني فيما يتعلق بالجهاد في الآية، هو أسلوب الحزم والشدة، فهي تقول: إن العدو يجب أن يلمس في المسلمين نوعا من الخشونة والشدة:
وليجدوا فيكم غلظة وهي تشير إلى أن الشجاعة والشهامة الداخلية والاستعداد النفسي لمقابلة العدو ومحاربته ليست كافية بمفردها، بل يجب اظهار هذا الحزم والصلابة للعدو ليعلم أنكم على درجة عالية من المعنويات، وهذا بنفسه سيؤدي إلى هزيمتهم وانهيار معنوياتهم.
وبعبارة أخرى فإن امتلاك القدرة ليس كافيا، بل يجب استعراض هذه القوة أمام العدو. ولهذا نقرأ في تأريخ الإسلام أن المسلمين عندما أتوا إلى مكة لزيارة بيت الله، أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسرعوا في طوافهم، بل أن يعدوا ويركضوا ليرى العدو - الذي كان يراقبهم عن كتب - قوتهم وسرعتهم ولياقتهم البدنية.
وكذلك نقرأ في قصة فتح مكة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر المسلمين في الليل أن يشعلوا نيرانا في الصحراء ليعرف أهل مكة عظمة جيش الإسلام، وقد أثر هذا العمل في معنوياتهم. وكذلك أمر أن يجعل أبو سفيان كبير مكة في زاوية ويستعرض جيش الإسلام العظيم قواته أمامه.
وفي النهاية تبشر الآية المسلمين بالنصر من خلال هذه العبارة: واعلموا أن الله مع المتقين ويمكن أن يشير هذا التعبير - إضافة لما قيل - إلى أن استعمال الشدة والخشونة يجب أن يقترن بالتقوى، ولا يتعدى الحدود الإنسانية في أي حال.
* * *