ولما كان لهذه الآية مفهوما عاما، فإنها تشمل قبول أقوال موضحي وناقلي الأحكام، كما تشمل قبول قول المجتهدين، وعلى هذا، فيمكن الاستدلال بعموم الآية على جواز التقليد.
5 - المسألة المهمة الأخرى التي يمكن استخلاصها من الآية، هي الأهمية الخاصة التي أولاها الإسلام لمسألة التعليم والتعلم، إلى الدرجة التي ألزم فيها المسلمين بأن لا يذهبوا جميعا إلى ميدان الحرب، بل يجب أن يبقى قسم منهم لتعلم الأحكام والمعارف الإسلامية.
إن هذا يعني أن محاربة الجهل واجب كمحاربة الأعداء، ولا تقل أهمية أحد الجهادين عن الآخر. بل إن المسلمين مالم ينتصروا في محاربتهم للجهل واقتلاع جذوره من المجتمع، فإنهم سوف لا ينتصرون على الأعداء، (لأن الأمة الجاهلة محكومة بالهزيمة دائما).
أحد المفسرين المعاصرين ذكر في ذيل هذه الآية بحثا جميلا، وقال: كنت أطلب العلم في طرابلس وكان حاكمها الإداري من أهل العلم والفقه في مذهب الشافعية - فقال لي مرة: لماذا تستثني الدولة العلماء وطلاب العلوم الدينية من الخدمة العسكرية وهي واجبة شرعا وهم أولى الناس بالقيام بهذا الواجب؟
يعرض بي - أليس هذا خطأ لا أصل له في الشرع؟ فقلت له على البداهة: بل لهذا أصل في نص القرآن الكريم، وتلوت عليه الآية فاستكثر الجواب على مبتدئ مثلي لم يقرأ التفسير وأثنى ورعا (1).
* * *