ومشيئته وإرادته وفق حساب دقيق.
وفي آخر آية إشارة إصرار المنافقين وعنادهم، فهي تعبر عن تعصبهم وإصرارهم في أعمالهم، وعنادهم في نفاقهم، وحيرتهم في ظلمة كفرهم، فهم في شك من بنيانهم الذي بنوه، أو في النتيجة المرجوة منه، وسيبقون في هذه الحال حتى موتهم: لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم.
إن هؤلاء يعيشون حالة دائمة من الحيرة والاضطراب، وإن مقر النفاق الذي أقاموه، والمسجد الضرار الذي بنوه، سيبقى عامل تردد ولجاجة في أرواح هؤلاء، فبالرغم من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أحرق هذا البناء وهدمه، إلا أن أثره وأهدافه قد لا تزول من القلوب.
وتقول الآية أخيرا: والله عليم حكيم فإنه تعالى إنما أمر نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بهدم هذا البناء الذي يحمل صفة الحق ظاهرا، حتى تتبين نيات السوء التي انطوى عليها هؤلاء، وتنكشف حقائقهم وبواطنهم وهذا الحكم الإلهي هو عين الحكمة، وحسب صلاح المجتمع الإسلامي، وقد صدر على هذا الأساس، لا أنه حكم عجول صدر نتيجة انفعال أو في لحظة غضب.
* * * 2 بحوث 3 1 - درس كبير إن قصة مسجد الضرار درس لكل المسلمين من جميع الجهات، فإن قول الله سبحانه وعمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوضحان تماما بأن المسلمين يجب أن لا يكونوا سطحيين في الرؤية مطلقا، وأن لا يكتفوا بالنظر إلى الجوانب التي تصطبغ بصبغة الحق، ويغفلون عن الأهداف الأصلية المراد تحقيقها، والمستترة بهذا الظاهر البراق.