والأهداف المشؤومة في لباس جميل ومظهر خداع، وأنهم لا يريدون إلا الخير:
وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى وهذا هو دين المنافقين وديدنهم في كل العصور، فإنهم إضافة إلى تلبسهم بلباس حسن، فإنهم يتوسلون عند الضرورة بأنواع الأيمان الكاذبة من أجل تضليل الرأي العام، وانحراف الأفكار.
إلا أن القرآن الكريم يبين أن الله تعالى الذي يعلم السرائر وما في مكنون الضمائر، والذي تساوى لديه الظاهر والباطن، والغيب والشهادة يشهد على كذب هؤلاء: والله يشهد إنهم لكاذبون.
في هذه الجملة نلاحظ عدة تأكيدات لتكذيب هؤلاء، فهي جملة اسمية أولا، ثم إن كلمة (إن) للتأكيد، وأيضا اللام في (لكاذبون)، والتي تسمى لام الابتداء تفيد التأكيد، وكذلك فإن مجئ كلمة (كاذبون) مكان الفعل الماضي دليل على استمرارية كذب هؤلاء، وبهذه التأكيدات فإن الله سبحانه وتعالى قد كذب أيمان هؤلاء المغلظة والمؤكدة أشد تكذيب.
يؤكد الله سبحانه وتعالى في الآية التالية تأكيدا شديدا على مسألة حياتية مهمة، ويأمر نبيه بصراحة أن لا تقم فيه أبدا بل لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه لا المسجد الذي أسس من أول يوم على الكفر والنفاق وتقويض أركان الدين.
إن كلمة (أحق) وإن كانت أفعل التفضيل، إلا أنها لم تأت هنا بمعنى المقارنة بين شيئين في التناسي والملاءمة، بل هي تقارن بين التناسب وعدمه، والملاءمة وعدمها، ومثل هذا التعبير يستعمل كثيرا في آيات القرآن الكريم والأحاديث، بل وفي محادثاتنا اليومية، وله نماذج عديدة.
فمثلا نقول للشخص المجرم والسارق: إن الاستقامة والعمل الصالح الصحيح خير لك، فإن هذا الكلام لا يعني أن السرقة والتلوث بالجريمة شئ حسن، وأن الاستقامة والطهارة أحسن، بل معناه أن الاستقامة وحسن السيرة شئ حسن،