أو يتوب عليهم.
" مرجون " مأخوذ من مادة (إرجاء) بمعنى التأخير والتوقيف، وفي الأصل أخذت من (رجاء) بمعنى الأمل، ولما كان الإنسان قد يؤخر شيئا ما أحيانا رجاء تحقق هدف من هذا التأخير، فإن هذه الكلمة قد جاءت بمعنى التأخير، إلا أنه تأخير ممزوج بنوع من الأمل.
إن هؤلاء في الحقيقة ليس لهم من الإيمان الخالص والعمل الصالح بحيث يمكن عدهم من أهل السعادة والنجاة، وليسوا ملوثين بالمعاصي ومنحرفين عن الجادة بحيث يكتبون من الأشقياء، بل يوكل أمرهم إلى اللطف الإلهي كيف سيعامل هؤلاء، وهذا طبعا حسب أوضاعهم الروحية ومواقعهم.
وتضيف الآية - بعد ذلك - أن الله سبحانه سوف لا يحكم على هؤلاء بدون حساب، بل يقتضي بعلمه وحكمته: والله عليم حكيم.
سؤال:
وهنا يطرح سؤال مهم قلما بحثه المفسرون بصورة وافية، وهو ما الفرق بين هذه الفئة، والفئة التي مر بيان حالتها في الآية (102) من هذه السورة؟ فإن كلا الجماعتين كانوا من المذنبين، وكلا المجموعتين تابوا، لأن المجموعة الأولى اعترفوا بذنوبهم، وأظهروا الندم عليها، والمجموعة الثانية تستفاد توبتهم من قوله تعالى: وإما يتوب عليهم. وكذلك فإن كلا الفئتين ينتظر أفرادها الرحمة الإلهية ويعيشون حالة الخوف والرجاء.
وللجواب على هذا السؤال نقول: إنه يمكن التفرقة بين هاتين الطائفتين عن طريقين:
1 - إن الطائفة الأولى تابوا بسرعة، وأظهروا ندمهم بصورة واضحة، فمثلا نرى أبا لبابة قد أوثق نفسه بعمود المسجد، وبعبارة موجزة: إن هؤلاء أعلنوا ندمهم