صريحا، وأظهروا استعدادهم لتحمل الكفارة البدنية والمالية مهما كانت.
أما أفراد الطائفة الثانية فإنهم لم يظهروا ندمهم في البداية، ولو أنهم ندموا في أنفسهم ووجدانهم، ولم يظهروا استعدادهم لتحمل ما يترتب على ذنبهم ومعصيتهم، فهم في الواقع كانوا يطمحون إلى العفو عن ذنوبهم الكبيرة بكل بساطة ويسر.
إن هؤلاء - ومثالهم الواضح هو الثلاثة الذين أشير إليهم، وسيأتي بيان وضعهم - بقوا في حالة الخوف والرجاء، ولهذا نرى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر الناس أن يقاطعوهم ويبتعدوا عنهم، وبهذا فقد عاشوا محاصرة اجتماعية شديدة اضطروا نتيجتها أن يسلكوا في النهاية نفس الطريق الذي سلكه أتباع الفريق الأول، ولما كان قبول توبة هؤلاء في ذلك الوقت يظهر بنزول آية، فقد بقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في انتظار الوحي، حتى قبلت توبتهم بعد خمسين يوما أو أقل.
ولهذا فإنا نرى الآية نزلت في حق الطائفة الأولى قد ختمت بقوله: إن الله غفور رحيم وهو دليل على قبول توبتهم، أما الطائفة الثانية فما داموا لم يغيروا مسيرهم فقد جاءت جملة: والله عليم حكيم التي لا تدل من قريب أو بعيد على قبول توبتهم.
ولا مجال للتعجب من أن الندم لوحده لم يكن كافيا لقبول التوبة من المعاصي الكبيرة، خاصة في عصر نزول الآيات، بل يشترط مع ذلك الإقدام على الاعتراف الصريح بالذنب، والاستعداد لتحمل كفارته وعقوبته، وبعد ذلك نزول الآية التي تبشر بقبول التوبة.
2 - الفرق الثاني بين هاتين الطائفتين، هو أن الطائفة الأولى بالرغم من أنهم عصوا بتخلفهم عن أداء واجب إسلامي كبير، أو لتسريبهم بعض الأسرار العسكرية إلى الأعداء، إلا أنهم لم يرتكبوا الكبائر العظيمة كقتل حمزة سيد الشهداء، ولهذا فإنهم بمجرد أن تابوا واستعدوا للجزاء قبل الله توبتهم. غير أن قتل حمزة وأمثاله