تطهرهم وتزكيهم بها فهي تطهرهم من الرذائل الأخلاقية، ومن حب الدنيا وعبادتها، ومن البخل وغيره من مساوئ الأخلاق، وتزرع مكانها خلال الحب والسخاء ورعاية حقوق الآخرين في نفوسهم. وفوق كل ذلك فإن المفاسد الاجتماعية والانحطاط الخلقي والاجتماعي المتولد من الفقر والتفاوت الطبقي والذي يؤدي إلى وجود طبقة محرومة، كل هذه الأمور ستقتلع بتطبيق هذه الفريضة الإلهية وأدائها، وهي التي تطهر المجتمع من التلوث الذي يعيشه ويحيط به، وكذلك سيفعل التكافل الاجتماعي، وينمو ويتطور الاقتصاد في ظل مثل هذه البرامج.
وعلى هذا فإن حكم الزكاة مطهر للفرد والمجتمع من جهة ويكرس الفضيلة في النفوس من جهة أخرى، وهو سبب في تقدم المجتمع أيضا، ويمكن القول بأن هذا التعبير أبلغ ما يمكن قوله في الزكاة، فهي تزيل الشوائب من جهة، ووسيلة للتكامل من جانب آخر.
ويحتمل أيضا في معنى هذه الآية أن يكون فاعل (تطهرهم) هو الزكاة، وفاعل (تزكيهم) (النبي (صلى الله عليه وآله وسلم))، وعلى هذا سيكون معنى هذه الآية هو: إن الزكاة تطهرهم، وإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي يربيهم ويزكيهم.
إلا أن الأظهر أن الفاعل في كلا الفعلين هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما شرحنا وبينا ذلك في البداية، رغم أنه ليس هناك فرق كبير في النتيجة.
ثم تضيف الآية في خطابها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنك حينما تأخذ الزكاة منهم فادع لهم وصل عليهم. إن هذا يدل على وجوب شكر الناس وتقديرهم، حتى إذا كان ما يؤدونه واجبا عليهم وحكما شرعيا يقومون به، وترغيبهم بكل الطرق، وخاصة المعنوية والنفسية، ولهذا ورد في الروايات أن الناس عندما كانوا يأتون بالزكاة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يدعو لهم يقول: " اللهم صل عليهم ".
ثم تقول الآية: إن صلاتك سكن لهم لأن من بركات هذا الدعاء أن تنزل