قبول التوبة ليس مرتبطا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل بالله الغفور الرحيم، لذا قالت: ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده. ولا ينحصر الأمر بتوقف قبول التوبة على قبول الله لها، بل إنه تعالى هو الذي يأخذ الزكاة والصدقات الأخرى التي يعطيها العباد تقربا إليه، أو تكفيرا لذنوبهم: ويأخذ الصدقات.
لا شك في أن الذي يأخذ الزكاة هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الإمام المعصوم (عليه السلام) أو خليفة المسلمين وقائدهم، أو الأفراد المستحقون، وفي كل هذه الأحوال فإن الله تبارك وتعالى لا يأخذ الصدقات ظاهرا، ولكن لما كانت يد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والنواب الحقيقيين يد الله سبحانه - لأنهم خلفاء الله ووكلاؤه - قالت الآية: إن الله يأخذ الصدقات. وكذلك العباد المحتاجون، فإنهم يأمر الله يأخذون مثل هذه المساعدات، وهم في الحقيقة وكلاء الله، وعلى هذا فإن يدهم يد الله أيضا.
إن هذا التعبير من ألطف التعبيرات التي تجسد عظمة هذا الحكم الإسلامي - أي الزكاة - فبالرغم من ترغيب كل المسلمين ودعوتهم إلى القيام بهذه الوظيفة الإلهية الكبيرة، فإنها تحذرهم بشدة وتأمرهم بأن يراعوا الآداب الإسلامية ويتقيدوا باحترام من يؤدونها إليه، لأن من يأخذها هو الله عز وجل، وإنما حذرتهم حتى لا يتصور بعض الجهال، أنه لا مانع من تحقير المحتاجين، أو اعطائه الزكاة بشكل يؤدي إلى تحطيم شخصية آخذ الزكاة، بل بالعكس عليهم أن يؤدوها بكل أدب وخضوع، كما يوصل العبد شيئا إلى مولاه.
ففي رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن الصدقة تقع في يد الله قبل أن تصل إلى يد السائل " (1)!
وفي حديث آخر عن الإمام السجاد (عليه السلام): " إن الصدقة لا تقع في يد العبد حتى تقع في يد الرب " (2).