الرحمة الإلهية عليهم، وتغمر قلوبهم ونفوسهم إلى درجة أنهم كانوا يحسون بها.
مضافا إلى ثناء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو من يقوم مقامه في جمع زكاة أموال الناس بحد ذاته يبعث على خلق نوع من الراحة النفسية والفكرية لهم، بحيث يشعرون بأنهم إن فقدوا شيئا بحسب الظاهر، فإنهم قد حصلوا - قطعا - على ما هو أفضل منه.
اللطيف في الأمر، أننا لم نسمع لحد الآن أن المأمورين بجمع الضرائب مأمورين بشكر الناس وتقديرهم، إلا أن هذا الحكم الذي شرع كحكم مستحب في الأوامر والأحكام الإسلامية يعكس عمق الجانب الإنساني في هذه الأحكام.
وفي نهاية الآية نقرأ: والله سميع عليم وهذا الختام هو المناسب لما سبق من بحث في الآية، إذ أن الله سبحانه يسمع دعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومطلع على نيات المؤدين للزكاة.
* * * 2 ملاحظات 1 - يتضح من سبب النزول المذكور لهذه الآية، أن هذه الآية ترتبط بالآية التي سبقتها في موضوع توبة أبي لبابة ورفاقه، لأنهم - وكشكر منهم لقبول توبتهم - أتوا بأموالهم ووضعوها بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليصرفها في سبيل الله، إلا أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) اكتفى بأخذ قسم منها فقط.
إلا أن سبب النزول هذا لا ينافي - مطلقا - أن هذه الآية بينت حكما كليا عاما في الزكاة، ولا يصح ما طرحه بعض المفسرين من التضاد بين سبب نزولها وما بينته من حكم كلي، كما قلنا ذلك مكررا في سائر آيات القرآن وأسباب نزولها.
السؤال الوحيد الذي يبقى هنا، هو أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - حسب رواية - قد قبل ثلث أموال أبي لبابة وأصحابه، في الوقت الذي لا يبلغ مقدار الزكاة الثلث في أي مورد، ففي الحنطة والشعير والتمر والزبيب العشر أحيانا، وأحيانا جزء من