الأعراب أشد وأقسى، وشواهد التأريخ الإسلامي تدل على المسلمين قد تعرضوا عدة مرات لهجوم منافقي البادية، ولعل الانتصارات المتلاحقة لجيش الإسلام هي التي جعلت المسلمين في غفلة عن خطر هؤلاء.
على كل حال، فالآية الأولى تقول: إن الأعراب، بحكم بعدهم عن التعليم والتربية، وعدم سماعهم الآيات الربانية وكلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أشد كفرا ونفاقا من مشابهيهم في المدينة: الأعراب أشد كفرا ونفاقا ولهذا البعد والجهل فمن الطبيعي، بل الأولى أن يجهلوا الحدود والأحكام الإلهية التي نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله.
كلمة " الأعراب " من الكلمات التي تعطي معنى الجمع، ولا مفرد لها في لغة العرب، وعلى ما قاله أئمة اللغة - كمؤلف القاموس والصحاح وتاج العروس وآخرون - فإن هذه الكلمة تطلق على سكان البادية فقط، ومختصة بهم، وإذا أرادوا اطلاقهم على شخص واحد فإنهم يستعملون نفس هذه الكلمة ويلحقون بها ياء النسب، فيقولون: أعرابي. وعلى هذا فإن أعراب ليست جمع عرب كما يظن البعض.
أما " أجدر " فهي مأخوذة من الجدار، ومن ثم أطلقت على كل شئ مرتفع ومناسب، ولهذا فإن (أجدر) تستعمل - عادة - بمعنى الأنسب والأليق.
وتقول الآية أخيرا: والله عليم حكيم أي إنه تعالى عندما يحكم على الأعراب بمثل هذا الحكم، فلأنه يناسب الوضع الخاص لهم، لأن محيطهم يتصف بمثل هذه الصفات.
لكن ومن أجل لا يتوهم بأن كل الأعراب أو سكان البوادي يتصفون بهذه الصفات، فقد أشارت الآية التالية إلى مجموعتين من الاعراب.
ففي البداية تتحدث عن أن قسما من هؤلاء الأعراب - لنفاقهم أو ضعف إيمانهم - عندما ينفقون شيئا في سبيل الله، فإنهم يعتبرون ذلك ضررا وخسارة