3 2 - الأعراب من سكان المدن إن كلمة (الأعرابي) وإن كانت تعني ساكن البادية، إلا أنها استعملت بمعنى أوسع في الأخبار والروايات الإسلامية، وبتعبير آخر: فإن مفهومها الإسلامي لا يرتبط أو يتحدد بالمنطقة الجغرافية التي يشغلها الأعراب، بل تعبر عن منهجية في التفكير، فإن من كان في منأى عن الآداب والسنن والتربية الإسلامية فهو من الاعراب وإن كان سكان المدن، أما سكان البادية الملتزمون بالآداب والسنن الإسلامية فليسوا بأعراب.
الحديث المشهور المنقول عن الإمام الصادق (عليه السلام): " من لم يتفقه منكم في الدين فهو أعرابي " (1) دليل قوي وشاهد واضح على الكلام أعلاه.
وفي خبر آخر نقرأ: " من الكفر التعرب بعد الهجرة ".
ونقل أيضا عن علي (عليه السلام) في نهج البلاغة أنه خاطب جماعة من أصحابه العاصين لأمره فقال: " واعلموه أنكم صرتم بعد الهجرة أعرابا " (2) في الحديثين أعلاه جعل " التعرب " مقابل " الهجرة "، وإذا لاحظنا أن للهجرة أيضا مفهوما واسعا لا يتحدد بالجانب المكاني، بل إن أساسها انتقال الفكر من محور الكفر إلى محور الإيمان، اتضح معنى كون الفرد أعرابيا، أي أنه يعني الرجوع عن الآداب والسنن الإسلامية إلى الآداب والعادات الجاهلية.
3 - نطالع في الآية المذكورة أعلاه الواردة في حق المؤمنين من الأعراب، أن هؤلاء يعتبرون إنفاقهم أساس القرب من الله تعالى، خاصة وأن هذه الكلمة قد وردت بصيغة الجمع (قربات)، وهي توحي أن هؤلاء لا يبتغون من إنفاقهم قربة واحدة، بل قربات.