إياها، وهي في الحقيقة أمانة الله عنده.
وقد ورد الحديث المذكور في الكافي بصورة أشد تأكيدا عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول: " ثلاث من كن فيه كان منافقا، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: من إذا أئتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف " (1).
نذكر هنا أن من الممكن أن تصدر الذنوب المذكورة من المؤمنين، إلا أنها نادرة، أما استمرار صدورها فهو علامة روح النفاق في ذلك الشخص.
4 - وهنا ملاحظة أخرى ينبغي أن ننبه عليها، وهي أن ما قرأناه في هذه الآيات ليس بحثا تاريخيا مختصا بحقبة مضت من الزمان، بل هو بيان واقع أخلاقي واجتماعي يوجد في كل عصر وزمان، وفي كل مجتمع - بدون استثناء - توجد نماذج كثيرة تمثل هذا الواقع.
إذا لاحظنا واقعنا الذي نعيشه ودققنا فيه - وربما إذا نظرنا إلى أنفسنا - فسنكتشف نماذج من أعمال ثعلبة بن حاطب، وطريقة تفكيره في صور متعددة وأشخاص مختلفين، فإن الكثيرين في الأوضاع العادية أو عند إعسارهم وفقرهم يكونون من المؤمنين المتحرقين على دينهم والثابتين على عهدهم حيث يحضرون في الحلقات الدينية، وينضوون تحت كل لواء يدعو إلى الإصلاح وإنقاذ المجتمع، ويضمون أصواتهم إلى كل مناد الحق والعدالة، ولا يألون جهدا في سبيل أعمال الخير، ويصرخون ويقفون بوجه كل فساد.
أما إذا فتحت أمامهم أبواب الدنيا ونالوا بعض العناوين والمراكز القيادية أو تسلطوا على رقاب الناس، فستتغير صورهم وسلوكهم، والأدهى من كل ذلك أن تتبدل ماهيتهم، وعندئذ سيخمد لهيب عشقهم لله، ويهدأ ذلك الهيجان والتحرق على دين الله، وتفتقدهم تلك الحلقات والجلسات الدينية، فلا يساهمون في أية خطة إصلاحية ولا يسعون من أجل ذلك الحق، ولا تثبت لهم قدم في مواجهة