الجملة الأخرى تبين واقع المنافقين القبيح ونكرانهم للجميل فتقول الآية: إن هؤلاء لم يروا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أي خلاف أو أذى، ولم يتضرروا بأي شئ نتيجة للتشريع الإسلامي، بل على العكس، فإنهم قد تمتعوا في ظل حكم الإسلام بمختلف النعم المادية والمعنوية وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله (1) وهذه قمة اللؤم.
ولا شك أن إغناءهم وتأمين حاجاتهم في ظل رحمة الله وفضله وكذلك بجهود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يستحق أن ينقم من جرائه هؤلاء المنافقون، بل إن حقه الشكر والثناء، إلا أن هؤلاء اللؤماء المنكرين للجميل والمنحرفي السيرة والسلوك قابلوا الاحسان بالإساءة.
ومثل هذا التعبير الجميل يستعمل كثيرا في المحادثات والمقالات، فمثلا نقول للذي أنعمنا عليه سنين طويلة وقابل إحساننا بالخيانة: إن ذنبنا وتقصيرنا الوحيد أننا آويناك ودافعنا عنك وقدمنا لك منتهى المحبة على طبق الإخلاص.
غير أن القرآن - كعادته - رغم هذه الأعمال لم يغلق الأبواب بوجه هؤلاء، بل فتح باب التوبة والرجوع إلى الحق على مصراعيه إن أرادوا ذلك، فقال: فإن يتوبوا يك خيرا لهم. وهذه علامة واقعية الإسلام واهتمامه بمسألة التربية، ومعارضته لاستخدام الشدة في غير محلها وهكذا فتح باب التوبة حتى بوجه المنافقين الذين طالما كادوا للإسلام وتآمروا على نبيه وحاكوا الدسائس والتهم ضده، بل إنه دعاهم إلى التوبة أيضا.
هذه في الحقيقة هي الصورة الواقعية للإسلام، فما أظلم هؤلاء الذين يرمون