يدعون الناس إلى الفساد ويرغبونهم فيه، وينهون الناس عن فعل الخير ويمنعونهم إن استطاعوا، وكذلك في بخلهم وإمساكهم وعدم إنفاقهم، وبعد كل ذلك فإنهم يشتركون في الأصل الأهم، وهو أنهم قد نسوا الله سبحانه وتعالى في جميع مراحل حياتهم، وتعديهم على قوانينه وفسقهم. ومما يثير العجب أن هؤلاء بالرغم من كل هذه الصفات القبيحة السيئة يدعون الإيمان بالله والاعتقاد الرصين بأحكام الدين الإسلامي وأصوله ومناهجه!
في الآية التي تليها نلاحظ الوعيد الشديد والإنذار بالعذاب الأليم والجزاء الذي ينتظر هؤلاء حيث تقول: وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم وأنهم سيخلدون في هذه النار المحرقة خالدين فيها وأن هذه المجازاة التي تشمل كل أنواع العذاب والعقوبات تكفي هؤلاء، إذ هي حسبهم وبعبارة أخرى: إن هؤلاء لا يحتاجون إلى عقوبة أخرى غير النار، حيث يوجد في نار جهنم كل أنواع العذاب: الجسمية منها والروحية.
وتضيف الآية في خاتمتها أن الله تعالى قد أبعد هؤلاء عن ساحة رحمته وجازاهم بالعذاب الأبدي ولعنهم الله ولهم عذاب أليم، بل إن البعد عن الله تعالى يعتبر بحد ذاته أعظم وأشد عقوبة وآلمها.
3 تكرر التأريخ والاعتبار به:
من أجل توعية هؤلاء المنافقين، وضعت الآية الآتية مرآة التاريخ أمامهم، ودعتهم إلى ملاحظة حياتهم وسلوكهم ومقارنتها بالمنافقين والعتاة المردة الذين تمردوا على أوامر الله سبحانه وتعالى، وأعطتهم أوضح الدروس وأكثرها عبرة، فذكرهم بأنهم كالمنافقين الماضين ويتبعون نفس المسير وسيلقون نفس المصير:
كالذين من قبلكم علما أن هؤلاء كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا.