أن مما لا شك فيها أن هذه العاقبة الدنيوية تبين المصير الذي ينتظرهم في الآخرة.
إن الآية الكريمة تنبه المنافقين المعاصرين للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فتقول لهم: إنكم ترون أن هؤلاء السابقين رغم تلك الإمكانات والقدرات والأموال والأولاد لم يصلوا إلى نتيجة، وأن أعمالهم قد أصبحت هباء منثورا لأنها لم تستند إلى أساس محكم، بل كانت أعمال نفاق ومراوغة، فإنكم ستواجهون ذلك المصير بطريق أولى، لأنكم أقل من هؤلاء قدرة وقوة وامكانات.
وبعد هذه الآيات يتحول الحديث من المنافقين ويتوجه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتبع أسلوب الاستفهام الإنكاري، فتقول الآية: ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات (1) فإن هذه الأقوام كانت في الأزمان السالفة تسيطر على مناطق مهمة من العالم، إلا أن كل فئة قد ابتليت بنوع من العقاب الإلهي نتيجة لانحرافها وطغيانها وإجرامها، وفرارها من الحق والعدالة، وإقدامها على الظلم والاستبداد والفساد.
فقوم نوح عوقبوا بالطوفان والغرق، وقوم عاد (قوم هود) بالرياح العاصفة والرعب، وقوم ثمود (قوم صالح) بالزلازل والهدم والدمار، وقوم إبراهيم بسلب النعم، وأصحاب مدين (قوم شعيب) بالصواعق المحرقة، وقوم لوط بخسف المدن وفنائهم جميعا. ولم يبق من هؤلاء إلا الجثث الهامدة، والعظام النخرة تحت التراب أو في أعماق البحار.
إن هذه الحوادث المرعبة تهز وجدان وأحاسيس كل إنسان إذا امتلك أدنى إحساس وشعور عند مطالعتها وتحقيقها.
ورغم طغيان هؤلاء وتمردهم فان الله الرؤوف الرحيم لم يحرم هؤلاء من رحمته وعطفه لحظة، وقد أرسل إليهم الرسل بالآيات البينات لهدايتهم وإنقاذهم