فإن الله لهم بالمرصاد وسوف يظهر خبيث أسرارهم ويكشف عن دنئ نياتهم، فقال: قل استهزؤوا إن الله مخرج ما تحذرون.
تجدر الإشارة إلى أن جملة (استهزؤوا) من قبيل الأمر لأجل التهديد كما يقول الإنسان لعدوه: اعمل كل ما تستطيع من أذى وإضرار لترى عاقبة امرك، ومثل هذه الأساليب والتعبيرات تستعمل في مقام التهديد.
كما يجب الالتفات إلى أننا نفهم من الآية بصورة ضمنية أن هؤلاء المنافقين يعلمون بأحقية دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصدقها، ويعلمون في ضميرهم ووجدانهم ارتباط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالله سبحانه وتعالى، إلا أنهم لعنادهم وإصرارهم بدل أن يؤمنوا به ويسلموا بين يديه، فإنهم بدأوا بمحاربته وإضعاف دعوته المباركة، ولذلك قال القرآن الكريم: يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم.
وينبغي الالتفات إلى أن جملة تنزل عليهم لا تعني أن أمثال هذه الآيات كانت تنزل على المنافقين، بل المقصود أنها كانت تنزل في شأن المنافقين وتبين أحوالهم.
أما الآية الثانية فإنها أشارت إلى أسلوب آخر من أساليب المنافقين، وقالت:
ولئن سألتهم ليقولون إنما كنا نخوض ونلعب (1). أي إذا سألتهم عن الدافع لهم على هذه الأعمال المشينة قالوا: نحن نمزح وبذلك ضمنوا طريق العودة، فهم من جهة كانوا يخططون المؤامرات، ويبثون السموم، فإذا تحقق هدفهم فقد وصلوا إلى مآربهم الخبيثة أما إذا افتضح أمرهم فإنهم سيتذرعون ويعتذرون بأنهم كانوا يمزحون، وعن هذا الطريق سيتخلصون من معاقبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والناس لهم.
إن المنافقين في أي زمان، تجمعهم وحدة الخطط، والضرب على نفس الوتر،