لذا فلهم نغمة واحدة، وهم كثيرا ما يستفيدون ويتبعون هذه الطرق، بل إنهم في بعض الأحيان يطرحون أكثر المسائل جدية لكن بلباس المزاح الساذج البسيط، فإن وصلوا إلى هدفهم وحققوه فهو، وإلا فإنهم يفلتون من قبضة العدالة بحجة المزاح.
غير أن القرآن الكريم واجه هؤلاء بكل صرامة، وجابههم بجواب لا مفر معه من الإذعان للواقع، فأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخاطبهم قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون، أي إنه يسألهم: هل يمكن المزاح والسخرية حتى بالله ورسوله وآيات القرآن؟!
هل إن هذه المسائل التي هي أدق الأمور وأكثرها جدية قابلة للمزاح؟!
هل يمكن إخفاء قضية تنفير البعير وسقوط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من تلك العقبة الخطيرة، والتي تعني الموت، تحت عنوان ونقاب المزاح؟ أم أن السخرية والاستهزاء بالآيات الإلهية وإخبار النبي بالانتصارات المستقبلية من الأمور التي يمكن أن يشملها عنوان اللعب؟ كل هذه الشواهد تدل على أن هؤلاء كان لديهم أهداف خطيرة مستترة خلف هذه الأستار والعناوين.
ثم يأمر القرآن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول للمنافقين بصراحة: لا تعتذروا، والسبب في ذلك أنكم قد كفرتم بعد إيمانكم، فهذا التعبير يشعر أن هذه الفئة لم تكن منذ البداية في صف المنافقين، بل كانوا مؤمنين لكنهم ضعيفو الإيمان، بعد هذه الحوادث الآنفة الذكر سلكوا طريق الكفر.
ويحتمل أيضا في تفسير العبارة أعلاه أن هؤلاء كانوا منافقين من قبل، إلا أنهم لم يظهروا عملا مخالفا، فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين كانوا مكلفين أن يعاملوهم كأفراد مؤمنين، لكن لما رفع النقاب بعد أحداث غزوة تبوك، وظهر كفرهم ونفاقهم أعلم هؤلاء بأنهم لم يعودوا من المؤمنين.
واختتمت الآية بهذه العبارة: إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم