في الآية قذفهن بالزنا بسببين: أحدهما ذكر المحصنات عقيب آية الزواني، والثاني اشتراط أربعة شهداء.
والقذف بالزنا أن يقول العاقل البالغ لمحصنة أو لمحصن " يا ولد الزنا " أو ما قدمناه ففيه الحد، والقذف لغير الزنا أن يقول: يا آكل الربا، يا شارب الخمر يا فاسق، يا عاض بظر أمه، يا يهودي، يا نصراني.
فعليه إذا كان المقذوف على ظاهر العدالة التعزير، وهو ما دون الحد. وقال الفقهاء لا يبلغ به أدنى حد العبيد، وقال أبو يوسف يبلغ به تسعة وتسعون، وللامام أن يعزر إلى تسعة وتسعين.
وشروط احصان القذف الحرية والبلوغ والاسلام، وزاد بعضهم العقل والعفة. فمتى قال انسان لمسلم " أمك زانية " وكانت أمه كافرة أو أمة كان عليه الحد تاما لحرمة ولدها المسلم الحر، وان قال لغيره من المماليك أو الكفار " يا بن الزاني " أو " يا بن الزانية " وكان أبو المقذوف مسلمين أو حرين كان عليه الحد أيضا كاملا، لان الحد لمن لو واجهه بالقذف لكان له الحد تاما.
ثم قال تعالى " ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة " (1 أي أبعد وامن رحمة الله في الدنيا بإقامة الحدود عليهم ورد الشهادة وفى الآخرة بأليم العقاب.
وهذا وعيد عام لجميع المكلفين في قول ابن عباس. ومن قال الوعيد خاص فيمن قذف عائشة فقوله لا يصح، لان الآية إذا نزلت في سبب لم يجب قصرها عليه، كآية اللعان وآية الظهار. ومتى حملت على العموم دخل من قذفها في جملتهم.
وإذا لم يكن المقذوف محصنا يعزر القاذف ولا يحد.