طلب ذلك إليه ليحفظه عمن لا يستحقه ويوصله إلى الوجوه التي يجب صرف الأموال إليها، ولذلك رغب إلى الملك فيه، لان الأنبياء لا يجوز أن يرغبوا في جمع أموال الدنيا الا لما قلناه، فقوله " حفيظ " أي حافظ للمال عمن لا يستحقه عليهم بالوجوه التي يجب صرفه إليها.
ومتى علم الانسان أو غلب على ظنه أنه لا يتمكن من جميع ذلك فلا يجوز له التعرض له على حال.
وعن أبي بصير: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن كسب المغنيات؟ قال:
التي تدعى إلى العرائس ليس به بأس، والتي يدخل عليها الرجال حرام، وهو قول الله تعالى " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " (1.
وعن ابن سنان قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الإجارة. قال. صالح لا بأس به إذا نصح قدر طاقته، فقد آجر موسى عليه السلام نفسه واشترط، فقال:
ان شئت ثمانيا وان شئت عشرا، فأنزل الله فيه " على أن تأجرني ثماني حجج فان أتممت عشرا فمن عندك " (2.
وعن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: الرجل يتجر، فان هو آجر نفسه [أعطي ما يصيب في تجارة. فقال: لا يؤاجر نفسه ولكن سيرزق الله تعالى ويتجر فإنه إذا آجر نفسه] فقد حظر على نفسه الرزق (3).
ولا تنافي بينهما، لان الخبر الأول محمول على ضرب من الكراهية. والوجه في كراهة ذلك أنه لا يأمن أن لا ينصحه في عمله فيكون مأثوما، وقد نبه على ذلك في الخبر الأول بقوله " لا بأس إذا نصح قدر طاقته ".