وقال: هما خصمان من ولد آدم ولم يكونا ملكين، وانما فزع منهما لأنهما دخلا عليه في غير الوقت المعتاد. وهو الظاهر.
ومعنى " أكفلنيها " قال ابن عباس أنزل لي عنها، وقال أبو عبيدة ضمها إلي، وقال آخرون أي اجعلني كفيلا بها، أي ضامنا لأمرها، ومنه قوله " وكفلها زكريا " (1.
ثم قال " وعزني في الخطاب " أي غلبني في المخاطبة وقهرني، وقال أبو عبيدة صار أعز مني.
فقال له داود " لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وان كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض "، ومعناه إن كان الامر على تدعيه لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه، فأضاف السؤال إلى المفعول به.
وقال أصحابنا: موضع الخطيئة أنه قال للخصم " لقد ظلمك " من غير أن يسأل خصمه عن دعواه. وفي أدب القضاء أن لا يحكم بشئ ولا يقول حتى يسأل خصمه من دعوى خصمه فما أجاب به حكم بذلك، وهذا ترك الندب.
والشرط الذي ذكرناه لابد منه، لأنه لا يجوز أن يخبر النبي عليه السلام أن الخصم ظلم صاحبه قبل العلم بذلك على وجه القطع، وانما يجوز مع تقدير وبالشرط الذي ذكرناه، فروي أن الملكين غابا من بين يديه فظن داود أن الله تعالى اختبره بهذه الحكومة. ومعنى " الظن " هنا العلم، كأنه قال وعلم داود.
وقيل انما ظن ظنا قويا، وهو الظاهر.
و " فتناه " أي بحق أضافه الله إلى نفسه، أي اختبرناه. وقرئ " فتناه " بالتخفيف، أي الملكين فتناه بهما.
وقيل: انه كان خطب امرأة كان أوريا بن حنان خطبها ولم يعلم ذلك، فكان دخل في سومه فاختاروه عليه، فعاتبه الله على ذلك.