(الأول) لكي تتقوا القتل بالخوف من القصاص. ذكره ابن زيد.
الثاني - قال الجبائي، وغيره: لتتقوا ربكم باجتناب معاصيه. وهذا أعم فائدة، لأنه يدخل فيه اتقاء القتل، وغيره.
وفي الآية دلالة على فساد قول المجبرة: لان فيها دلالة على أنه أنعم على جميع العقلاء، ليتقوا ربهم، وفي ذلك دلالة على أنه أراد منهم التقوى وإن عصوا، وإنما خص الله تعالى بالخطاب أولي الألباب، لأنهم المكلفون المأمورون، ومن ليس بعاقل لا يصح تكليفه، ولا يحسن، فلذلك خصهم بالذكر.
قوله تعالى:
كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين (180) آية بلا خلاف.
المعنى:
هذا ابتداء قصة، ولابد فيه من واو العطف، بان يقال: وكتب، لأنه حذف اختصارا وقد بينا فيما مضى: أن معنى كتب فرض. وهاهنا معناه الحث والترغيب دون الفرض، والايجاب. وفي الآية دلالة على أن الوصية جائزة للوارث، لأنه قال الوالدين، والأقربين. والوالدان وارثان بلا خلاف إذا كانا مسلمين حرين غير قاتلين. ومن خص الآية بالكافرين، فقد قال: قولا بلا دليل، ومن ادعى نسخ الآية فهو مدع لذلك، ولا يسلم له نسخها. وبمثل ما قلناه قال محمد بن جرير الطبري سواء، فان ادعوا الاجماع على نسخها، كان ذلك دعوى باطلة ونحن نخالف في ذلك. وقد خالف في نسخ الآية طاووس، فإنه خصها بالكافرين، لمكان الخبر ولم يحملها على النسخ. وقد قال أبو مسلم محمد بن بحر: إن هذه الآية مجملة، وآية الموارث مفصلة، وليست نسخا، فمع هذا الخلاف كيف يدعى الاجماع على نسخها.