أقرب إلى الميت إذا كانوا فقراء - بلا خلاف - وإن كانوا أغنياء، فقال الحسن وعمرو بن عبيد: هم أحق بها. وقال ابن مسعود، وواصل ألاحق بها الأجوع، فالأجوع من القرابة.
وقوله تعالى: " إن ترك خيرا " يعنى مالا. واختلفوا في مقداره الذي يجب الوصية عنده، فقال الزهري: كلما وقع عليه اسم مال من قليل أو كثير. وقال إبراهيم النخعي: ألف درهم إلى خمسمائة. وروي عن علي (ع) أنه دخل على مولى لهم في مرضه، وله سبع مائه درهم أو ستمائة، فقال: ألا أوصي، فقال: لا إنما قال الله تعالى: " إن ترك خيرا " وليس لك كبير مال. وبهذا نأخذ، لان قوله حجة عندنا.
الاعراب:
والوصية في الآية مرفوعة بأحد أمرين:
أحدهما - ب (كتب)، لأنه لم يسم فاعله الثاني - أن يكون العامل فيه الابتداء وخبره للوالدين، والجملة في موضع رفع على الحكاية بمنزلة قيل لكم: الوصية للوالدين. وقيل في إعراب (إذا) والعامل فيه قولان: إحداهما - كتب على معنى إذا حضر أحدكم الموت أي عند المرض. والوجه الاخر قال الزجاج، لأنه رغب في حال صحته أن يوصي، فتقديره كتب عليكم الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف في حال الصحة قائلين: إذا حضرنا الموت فلفلان كذا.
المعنى:
المعروف هو العدل الذي لا يجوز أن ينكر ولا حيف فيه ولا جور والحضور وجود الشئ بحيث يمكن أن يدرك. وليس معناه في الآية إذا حضره الموت أي إذا عاين الموت، لأنه في تلك الحال في شغل عن الوصية. لكن المعنى كتب عليكم أن توصوا وأنتم قادرون على الوصية، فيقول الانسان: إذا حضرني الموت أي إذا أنامت، فلفلان كذا.