في القتل. وإنما كان فيه حياة من وجهين:
أحدهما - ما عليه أكثر المفسرين كمجاهد، وقتادة، والربيع، وابن زيد:
أنه إذا هم الانسان بالقتل فذكر القصاص، ارتدع، فكان ذلك سببا للحياة.
الثاني - قال السدي: من جهة أنه لا يقتل إلا القاتل دون غيره. خلاف فعل الجاهلية الذين كانوا يتفانون (1) بالطوائل، والمعنيان جميعا حسنان. وقال أبو الجوزاء: معناه أن القران (2) حياة بالقصاص، أراد به القران. وهذا ضعيف، لأنه تأويل خلاف الاجماع، ولأنه لا يليق بما تقدم، ولا يشاكله، وهو قوله:
" كتب عليكم القصاص في القتلى "، فكأنه قال بعده ولكم فيه حياة. ونظير هذه الآية قولهم: القتل أنفى للقتل. وبينهما من التفاوت في الفصاحة، والبلاغة ما بين السماء والأرض وقيل: الفرق بينهما من أربعة أوجه:
أحدها - أنه أكثر فائدة. وثانيها - أنه أوجز في العبارة. وثالثها - أنه أبعد عن الكلمة بتكرير الجملة. ورابعها - أنه أحسن تأليفا بالحروف المتلائمة.
أما كثرة الفائدة، ففيه ما في قولهم: (القتل أنفى للقتل) وزيادة معان حسنة: منها إبانة العدل، لذكره القصاص. ومنها إبانة الغرض المرغوب فيه، لذكر الحياة. ومنها الاستدعاء بالرغبة والرهبة لحكم الله به.
وأما الايجاز في العبارة، فان الذي هو نظير (القتل أنفى للقتل) قوله تعالى:
" في القصاص حياة " وهو عشرة أحرف. والأول أربعة عشر حرفا. وأما بعد التكلف، فهو أن في قولهم: (القتل أنفى للقتل) تكرير غيره أبلغ منه. متى كان التكرير كذلك، فهو مقصر في باب البلاغة. وأما الحسن بتأليف الحروف المتلائمة، فهو مدرك بالحس، وموجود باللفظ، فان الخروج من الفاء إلى اللام أعدل من الخروج من اللام إلى الهمزة، لبعد الهمزة من اللام. وكذلك الخروج من الصاد