من الكفار بالداعي إلى المراد للمدعو من الانعام، فلما أريد الايجاز أبقي ما يدل على ما ألقي، فأبقي في الأول ذكر المدعو، وفي الثاني ذكر الداعي، ولو رتب على ما قال السائل، لبطل هذا المعنى. وزعم أبو عبيدة، والفراء: أنه يجري مجرى المقلوب الذي يوضع فيه كلمة مكان كلمة، كأنه وضع الناعق مكان المنعوق به، وأنشد:
كانت فريضة ما تقول كما * كان الزناء فريضة الرجم (1) والمعنى كما كان الرجم فريضة الزناء، وكما يقال: أدخلت القلنسوة في رأسي، وإنما هو أدخلت رأسي في القلنسوة قال الشاعر:
إن سراجا لكريم مفخره * تحلى به العين إذا ما تجهره (2) والمعنى يحلى بالعين، فجعله تحلى به العين. والأقوى أن يكون الامر على ما بيناه من المعنى الذي دعا إلى الخلاف في الحذف، ليدل بما بقي على ما ألقي.
اللغة:
قال صاحب العين: نعق الراعي بالغنم ينعق نعيقا إذا صاح بها زجرا، ونعق الغراب نعاقا، ونعيقا إذا صاح. والناعقان: كوكبان من كواكب الجوزاء: رجلها اليسرى ومنكبها الأيمن، وهو الذي يسمى الهنعة، وهما أضوء كوكبين في الجوزاء.
وأصل الباب الصياح، والنداء: مصدر نادى مناداة، ونداء، وتنادوا تناديا، وندى تندية، وتندى تنديا. والنداء، والدعاء، والسؤال نظائر، قال صاحب العين:
الندى له وجوه من المعنى: ندى الماء، وندى الخير، وندى الشر، وندى الصوت، وندى الخصر. فأما ندى الماء فمنه ندى المطر، أصابه ندى من طل، ويوم ندى، فأرض ندية. والمصدر منه الندوة، والندى ما أصابه من البلل، وندى الخير هو المعروف، تقول: أندى علينا فلان ندى كثيرا، وإن يده لندية بالمعروف، وندى