يجوز. والذي كتموه قيل فيه قولان:
قال أكثر المفسرين: إنهم كتموا أمر النبي صلى الله عليه وآله بأن حرفوه عن وجهه في التأويل، هذا إذا حمل على الجماعة الكثيرة. وإن حمل على القليلة منهم، يجوز أن يكونوا كتموا نفس التنزيل أيضا.
الثاني - قال الحسن: كتموا الاحكام، وأخذوا الرشا على الاحكام، والكتاب على القول الأول: هو التوراة، وعلى الثاني يجوز أن يحمل على القرآن وسائر الكتب.
وقوله: " ويشترون به ثمنا قليلا " ليس المراد به أنهم إذا اشتروا به ثمنا كثيرا كان جائزا. وإنما المقصد كلما يأخذونه في مقابلته من حطام الدنيا، فهو قليل، كما قال " ويقتلون النبيين بغير حق " (1) وكما قال " ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به (2) وإنما أراد أن قتل النبيين لا يكون إلا بغير حق، وإن من ادعى مع الله إلها آخر لا يقوم له عليه برهان. وكما قال الشاعر:
على لا حب لا يهتدى بمناره والمعنى لا لاحب هناك، فيهتدى به، لأنه لو كان، لاهتدي به.
وقوله تعالى " ما يأكلون في بطونهم إلا النار " معناه على قول الربيع، والحسن، والجبائي، وأكثر المفسرين: الاجر الذي أخذوه على الكتمان، سمي بذلك، لأنه يؤديهم إلى النار، كما قال في أكل مال اليتيم ظلما " إنما يأكلون في بطونهم نارا " (3) وقال بعضهم: إنما يأكلون في جهنم نارا جزاء على تلك الأعمال، والأول أحسن. فان قيل إذا كان الاكل (4) لا يكون إلا في البطن، فما معنى قوله " في بطونهم "؟ قلنا عنه جوابان:
أحدهما - ان العرب تقول: جعت في غير بطني وشبعت في غير بطني، إذا