(وزر قبري بقدر الإمكان) فعنهم (عليهم السلام): إن الميت يستأنس بزائره، ويستوحش إذا رجع. وفيه للزائر من الأجر ما وردت الأخبار (1) خصوصا في زيارة الأبوين (واقرأ عليه شيئا من القرآن) فإنه سكن للميت، وأنس له، ويبلغ إليه ثوابه، ويستدفع به عنه الشدة والعذاب. وعن فاطمة (عليها السلام): أنها أوصت أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالت: إذا أنامت فتول أنت غسلي، وجهزني، وصل علي، وأنزلني قبري، والحدني، وسو التراب علي، واجلس عند رأسي قبالة وجهي، وأكثر من تلاوة القرآن والدعاء، فإنها ساعة يحتاج الميت فيها إلى أنس الأحياء (2).
(وكل كتاب صنفته وحكم الله تعالى بأمره قبل إتمامه فأكمله وأصلح) فيما كتبته (ما تجده من الخلل والنقصان) بالتغيير إن احتاج إليه، وإلا فبالإيضاح و التفسير (والخطأ والنسيان).
(هذه وصيتي إليك والله خليفتي عليك. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته).
ووصيتي إلى علماء الدين وإخواني المجتهدين أن لا ينطقوا في الفقه ومسائله ولا يتعرضوا لدقائقه وجلائله إلا بعد إتقان العربية بأقسامها واستقراء فنون ما تنطق به العرب أو تكتبه بأقلامها، وتتبع بليغ في كل مسألة لأقوال الأصحاب ومداركها وما أدتهم إليه آراؤهم في معاركها من مسالكها، ولا ينسبوا إلى أحد منهم قولا إلا بعد وجدانه في كتابه أو سماع منه شفاها في خطابه، ولا يتكلوا على نقل النقلة بلا كل تعويل عليه وإن كانوا كملة، فالسهو والغفلة والخطأ لوازم عادية للناس، واختلاف النسخ واضح ليس به التباس، ولا يعتمدوا في الأخبار إلا أخذها من الأصول، ولا يعولوا ما استطاعوا على ما عنها من النقول حتى إذا وجدوا في التهذيب عن محمد بن يعقوب مثلا خبرا فلا يقتصروا عليه بل ليجيلوا له في الكافي نظرا، فربما طغى فيه القلم أو زل فعن خلاف في المتن أو السند جل