لفظ وتركهم بالحرة يعضون الحجارة وفي آخره قال قتادة وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعد ذلك يحث على الصدقة وينهى عن المثلة انتهى وفي لفظ لهما قال قتادة فحدثني محمد بن سيرين أن ذلك قبل أتنزل الحدود انتهى وفي لفظ للبيهقي قال أنس فما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا خطبة إلا نهى فيها عن المثلة انتهى قال في المعرفة وحديث العرنيين إما أن يحمل على النسخ كما روى عن بن سيرين وقتادة وبه قال الشافعي أو يحمل على أنه فعل بهم ما فعل بالرعاء وقد جاء مصرحا عند مسلم عن أنس قال إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاء انتهى وقال أبو الفتح اليعمري في سيرته من الناس من زعم أن حديث العرنيين منسوخ بآية المائدة إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية ومن الناس من أبى ذلك لما وقع من الخلا ف في سبب نزولها وقد ذكر البغوي وغيره لها قصة أخرى وأيضا فليس فيها أكثر مما يشعره لفظة إنما من الاقتصار في حد الحرابة على ما في الآية وأما من زاد على الحرابة جنايات أخر كما فعل هؤلاء حيث زادوا بالردة وسمل أعين الرعاء وغير ذلك وروى بن سعد في خبرهم أنهم قطعوا يد الراعي ورجله وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات فليس في الآية ما يمنع من التغليظ عليهم والزيادة قي عقوبتهم فهذا ليس بمثلة والمثلة ما كان ابتداء عن غير جزاء وقد جاء في صحيح مسلم إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاء ولو أن شخصا جنى على قوم جنايات في أعضاء متعددة فاقتص منه للمجني عليه لما كان التشويه الذي حصل من المثلة المنهي عنها وإذا اختلفت في نزول الآية الأقوال وتطرق إليها الاحتمال فلا نسخ انتهى كلامه وقد تقدمت أحاديث النهي عن المثلة في كتاب الحج في مسألة الاشعار من باب التمتع والله أعلم قلت مما يدل على نسخ حديث العرنيين بالآية ما رواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني إسحاق عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال لما قطع النبي صلى الله عليه وسلم أيدي أصحاب اللقاح وأرجلهم وسمل أعينهم نزلت هذه الآية إنما جزاء الذي يحاربون الله ورسوله
(٢٣٤)