الحديث الأول روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم قلت غريب بهذا اللفظ وقوله ورخص في السلم هو من تمام الحديث لا من كلام المصنف صرح بذلك في كلامه وسيأتي في الحديث الخامس ولكن رأيت في شرح مسلم للقرطبي ما يدل على أنه عثر على هذا الحديث بهذا اللفظ فقال ومما يدل على اشتراط الاجل في السلم الحديث الذي قال فيه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندك ورخص في السلم قال لان السلم لما كان بيع معلوم في الذمة كان بيع غائب فإن لم يكن فيه أجل كان هو البيع المنهي عنه وإنما استثنى الشرع السلم من بيع ما ليس عندك لأنه بيع تدعو الضرورة إليه لكل واحد من المتبايعين فان صاحب رأس المال محتاج إلى أن يشتري التمر وصاحب التمر يحتاج إلى ثمنه لينفقه عليه فظهر أن صفقة السلم من المصالح الحاجية وقد سماه الفقهاء بيع المحاويج فإذا كان حالا بطلت هذه الحكمة وارتفعت هذه المصلحة ولم يكن لاستثنائه من بيع ما ليس عندك فائدة انتهى كلامه والذي يظهر أن هذا حديث مركب فحديث النهي عن بيع ما ليس عند الانسان أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وأخرجوه أيضا عن حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لا تبع ما ليس عندك وحسنه الترمذي وقد تقدما في خيار العيب وأما الرخصة في السلم فأخرج الأئمة الستة في كتبهم عن أبي المنهال عن بن عباس قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم والناس يستلفون في الثمر السنتين والثلاث فقال من أسلف في شئ فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم وأخرج البخاري عن عبد الله بن أبي أوفي قال إن كنا لنسلف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في الحنطة والشعير والتمر والزبيب وسألت بن أبي أبزي فقال مثل ذلك انتهى
(٥٢٨)