وخالف في ذلك ابن الجنيد محتجا بالأصل وبرواية عبادة بن الصامت كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان في جنازة لم يجلس حتى يوضع في اللحد فقال يهودي انا لنفعل ذلك فجلس صلى الله عليه وآله وقال خالفوهم قال شيخنا في الذكرى هذا الحديث حجة لنا لان كان يدل على الدوام والجلوس لمجرد اظهار المخالفة ولأن الفعل لا عموم له فجاز وقوع الجلوس تلك المرة خاصة ولأن القول أقوى من الفعل عند التعارض هذا كلامه طاب ثراه وأنت خبير بان لابن الجنيد ان يقول إن احتجاجي ليس بمجرد الفعل بل بقوله عليه السلام خالفوهم ويمكن ان يحتج له أيضا بالحديث الحادي عشر من الفصل الآتي بعد هذا الفصل وهو ما رواه داود بن النعمان من جلوس الرضا عليه السلام قبل ادخال الميت القبر والظاهر أن المراد باللحد في قوله عليه السلام حتى يوضع في لحده القبر سواء كان ذا لحد أم لا وما تضمنه الحديث الخامس والسادس من حمل الجنازة من جوانبها الأربع هو التربيع الذي أطبق أصحابنا على استحبابه وأفضله على ما نقل الشيخ عليه الاجماع في المبسوط ان يبدء بمقدم السرير الأيمن ثم يمر عليه إلى مؤخره ثم (بمؤخر السرير الأيسر) ثم يدور حوله حتى يرجع إلى المقدم وقد رواه الفضل بن يونس عن الكاظم عليه السلام قال قال فإن لم تكن تتقي فيه فان تربيع الجنازة الذي جرت به السنة ان يبدء باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم بالرجل اليسرى ثم باليد اليسرى حتى يدور حولها ولعل المراد جريان السنة بأفضليته لا بأصل استحبابه وما في الحديث السابع وأول حباء من تبعك المغفرة ربما يومي كما في الحديثين الأخيرين إلى ترجيح اتباع الجنازة على تقدمها والمشي إلى أحد جانبيها والحباء بكسر الحاء المهملة ممدودا العطاء بلا جزاء ولا من وما تضمنه الحديث الثامن من القول المذكور عند مشاهدة الجنازة هو المستند في استحباب ذلك والسواد يطلق تارة على الشخص وأخرى على عامة الناس والمخترم الهالك واخترمته المنية اخذته قال شيخنا في الذكرى ان المعنى لم يجعلني من هذا القبيل ثم قال ولا ينافي هذا حب لقاء الله تعالى لأنه غير مقيد بوقت فيحمل على حال الاحتضار ومعاينة ما يحب كما روينا عن الصادق عليه السلام ورووه في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه قيل له صلى الله عليه وآله انا لنكره الموت فقال ليس ذلك ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شئ أحب إليه مما امامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وان الكافر إذا حضره الموت بشر بعذاب الله فليس شئ أكره إليه مما امامه وكره لقاء الله فكره الله لقاءه ثم قال قدس الله روحه ويجوز ان يكني بالمخترم عن الكافر لأنه الهالك على الاطلاق بخلاف المؤمن أو يراد بالمخترم من مات دون أربعين سنة هذا كلامه طاب ثراه ويمكن ان يراد بالسواد عامة الناس كما هو أحد معاني السواد في اللغة ويكون المراد الحمد لله الذي لم يجعلني من عامة الناس الذي يموتون على غير بصيرة ولا استعداد للموت والله أعلم وربما يستفاد من الحديث العاشر جواز الحضور في جنازة الكافر للدعاء عليه بل رجحانه والقيام على القبر الذي نهي النبي صلى الله عليه وآله ان يفعله بالمنافقين هو الوقوف على قبورهم للدعاء لهم كما قاله في مجمع البيان ومعنى قوله عليه السلام في آخر الحديث فأبدى من رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان يكره ان عمر صار باعثا على أن ظهر من النبي ما كان يكره اظهاره ويحب ستره عن الحاضرين واخفاؤه من الدعاء على ابن أبي سلول ويستفاد من الحديث الحادي عشر أمور الأول تأكد كراهة الصراخ على الميت حيث جعله عليه السلام من الباطل ولعل ذلك بالنسبة إلى المرأة إذا سمع صوتها الأجانب ان لم نجعل مطلق اسماع المرأة صوتها الأجانب محرما بل مع خوف الفتنة
(٦٩)