المسح بفضل الرأس يأبى هذا التنزيل كما لا يخفى فلو نزل على مسح الخفين لكان أولى والذي ما زال يختلج بخاطري ان ايماءه (عليه السلام) برأسه نهى لمعمر بن خلاد عن هذا السؤال لئلا يسمعه المخالفون الحاضرون في المجلس فإنهم كانوا كثيرا ما يحضرون مجالسهم (عليه السلام) فظن معمر انه (عليه السلام) انما نها عن المسح ببقية البلل فقال أبماء جديد فسمعه الحاضرون فقال (عليه السلام) برأسه نعم ومثل هذا يقع في المحاورات كثيرا والله أعلم بحقايق الأمور الفصل الرابع في تعيين الكعبين ثلاثة أحاديث أ من الصحاح زرارة وأخوه بكير عن أبي جعفر (عليه السلام) انهما سألاه عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا بطست أو تور فيه ماء ثم حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن انتهى إلى المسح قالا قلنا له أصلحك الله فأين الكعبان قال هاهنا يعني المفصل دون الساق قلنا هذا ما هو قال (هذا) عظم الساق ب أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال سألته عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظهر القدم ج من الحسان ميسرة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال الوضوء واحدة واحدة ووصف الكعب في ظهر القدم أقول الطست يروى بالسين والشين معا والتور اناء يشرب منه و لفظة دون في قول الأخوين دون عظم الساق اما بمعنى تحت أو بمعنى عند أو بمعنى غير وقوله في الحديث الثاني إلى ظهر القدم تفسير وبيان لقوله إلى الكعبين وليس المراد بظهر القدم خلاف باطنه بل ما ارتفع منه كما يقال لما ارتفع وغلظ من الأرض ظهر بخلاف ظهر القدم في الحديث الثالث فإنه لا مانع فيه من إرادة كل من المعنيين وما تضمنه من قوله (عليه السلام) الوضوء واحدة واحدة مما يستدل به القائلون من أصحابنا بعدم استحباب الغسلة الثانية كالصدوق والكليني قدس الله روحهما وسنتكلم فيه عن قريب انشاء الله تعالى ولابد في هذا المقام من الكلام في تحقيق الكعب فإنه من المعارك العظيمة بين العلامة أعلى الله مقامه وبين من تأخر منه من علمائنا نور الله مراقدهم فلا بأس باطلاق عنان القلم في هذا الجدال فعسى ان تنحسم به مواد القيل والقال فأقول وبالله العصمة والتوفيق الكعب يطلق على معان أربعة الأول العظم المرتفع في ظهر القدم الواقع فيما بين المفصل والمشط الثاني بين الساق والقدم الثالث عظم مائل إلى الاستدارة واقع في ملتقى الساق و القدم له زائدتان في أعلاه يدخلان في حفرتي قصبة الساق أو زائدتان في أسفله يدخلان في حفرتي العقب وهو نأت في وسط ظهر القدم أعني وسطه العرضي ولكن نتوه غير ظاهر لحس البصر لارتكاز أعلاه في حفرتي الساق وقد يعبر عنه بالمفصل أيضا اما لمجاورته له أو من قبيل تسمية الحال باسم المحل الرابع أحد الناتيين عن يمين القدم وشماله اللذين يقال لهما المنجمين وهذا المعنى الأخير هو الذي حمل أكثر العامة الكعب في الآية عليه وأصحابنا رضي الله عنهم مطبقون على خلافه واما المعاني الثلاثة الأول فكلامهم قدس الله أرواحهم لا يخرج عنها وان كان بعض عباراتهم أشد انطباقا على بعضها من بعض فالمعنى الأول ذكره من أصحابنا اللغويين عميد الرؤساء في كتابه الذي الفه في الكعب وصريح عبارة المفيد طاب ثراه منطبق عليه فإنه قال الكعبان هما قبتا القدمين امام الساقين ما بين المفصل والمشط والمعنى الثاني ذكره جماعة من أهل اللغة كصاحب القاموس حيث قال الكعب كل مفصل العظام والرواية الأولى ظاهرة فيه وهو المفهوم بحسب الظاهر من كلام ابن الجنيد والمعنى الثالث هو الذي يكون في أرجل البقر والغنم أيضا وربما يلعب به الناس كما قاله صاحب القاموس وهو الذي بحث عنه علماء التشريح وقال به الأصمعي ومحمد بن الحسن الشيباني كما نقله عنهما العامة
(١٨)