علق نقض النوم بذهاب العقل ان كلما يذهب العقل من سكر أو جنون أو اغماء فهو ناقض للوضوء وان كان للكلام في دلالة الحديث على ذلك مجال ولم اطلع في ذلك بخصوصه على نص ولكن نقل أصحابنا الاجماع عليه واستدل عليه الشيخ بما تضمنه الحديث الخامس وسيجئ الكلام فيه ثم المستفاد من ظاهر هذا الحديث تخصيص الغائط الناقض بما خرج من المخرج الطبيعي و الحق الأصحاب ما خرج من جرح ونحوه إذا صار معتادا بحسب العرف أو انسد الطبيعي وهو حسن وقال الشيخ ان خرج من تحت المعدة نقض وان خرج من فوقها لم ينقض لأنه لا يسمى حينئذ غائطا بل هو أشبه بالقئ وغرضه ره انه انما يسمى غائطا بعد انحداره من المعدة إلى الأمعاء وخلعه الصورة النوعية الكيلوسية التي كان عليها في المعدة واما قبل الانحدار عن المعدة فليس بغائط وانما هو من قبيل القئ وليس مراده وقوع المخرج فيما سفل عن المعدة أو فيما علاها إذ لا عبرة بتحتية نفس المخرج وفوقيته بل بخروج الخارج بعد انحداره عن المعدة وصيرورته تحتها أو قبل ذلك غايته انه ره عبر عما يخرج قبل الانحدار عنها بما يخرج من فوقها وعما يخرج بعده بما يخرج من تحتها والامر فيه سهل وبهذا يظهر ان حكم متأخري علمائنا رضوان الله عليهم كالمحقق في المعتبر يضعف هذا التفصيل استنادا إلى أن الغائط اسم للمطمئن من الأرض ونقل إلى الفضلة المخصوصة فعند هضم المعدة الطعام وانتزاع الاجزاء الغذائية منه يبقى الثقل فكيف خرج تناوله اسم الغائط إذ تسمية الثقل قبل انحداره عن المعدة غائطا غير مسلم بل انما يسمى غائطا وعذرة بعد انحداره إلى الأمعاء كما قلنا والأصل براءة ذمة المكلف من الطهارة حتى يعلم أو يظن خروج ما جعل المشهور خروجه سببا لها والله أعلم وفي حصر الناقض في الحديث الثالث فيما يخرج من الطرفين والنوم رد لما ذهب إليه بعض العامة من النقض بالرعاف والقئ وأمثالهما على ما سيجئ ذكره مفصلا ولا يرد النقض بالجنون والسكر والاغماء لان في ذكر النوم تنبيها على النقض بها وما تضمنه الحديث الرابع من قوله عليه السلام لا ينقض الوضوء الا حدث والنوم حدث يدل على أن النوم حدث برأسه وصورته بحسب الظاهر صورة قياس من الشكل الثاني ولا يخفى اشتمال صغراه على عقدي ايجاب وسلب لكن عقد الايجاب يوجب عقمه لاشتراط اختلاف مقدمتيه كيفا ولا سبيل إلى عقد السلب لعدم تكرر الوسط حينئذ فلا سبيل إلى جعله من الشكل الثاني فاما ان يجعل الحدث في الصغرى بمعنى كل حدث كما قالوه في قوله تعالى علمت نفس ما قدمت وأخرت من أن المراد كل نفس فيصير في قوة قولنا كل حدث ناقض ويؤل إلى الشكل الرابع فينتج بعض الناقض نوم واما ان تجعل الصغرى كبرى وبالعكس فيكون من الشكل الأول واما ان يستدل على استلزامه للمطلوب وان لم يكن مستجمعا لشرائط القياس كما قالوه في نحو قولنا زيد مقتول بالسيف والسيف آلة حديدية فإنه لا شك في انتاجه زيد مقتول بآلة حديدية مع عدم جريانه على وتيرة شئ من الاشكال الأربعة وكما في قولنا زيد ابن عمرو وعمرو ليس في البلد وقال العلامة في المنتهى في وجه الاستدلال بهذا الحديث ان كل واحد من أنواع الحدث اشترك مع غيره منها في معنى الحديث وامتاز عنه بخصوصية وما به الاشتراك غير ما به الامتياز وغير داخل فيه فماهية الحدث من حيث هي مغايرة لتلك الخصوصيات والإمام عليه السلام حكم باستناد النقض إلى الحدث الذي هو المشترك فلا يكون لقيد الخصوصيات مدخل في ذلك التأثير وحكم بان تلك الماهية التي هي علة موجودة في النوم والعقل قاض بان المعلول لا يتخلف عن علته فلا جرم كان النوم ناقضا انتهى كلامه زيد اكرامه وقد أورد مثل هذا الكلام في المختلف أيضا وما تضمنه الحديث الخامس
(٢٩)