في كتبهم وهو الكعب على التحقيق عند العلامة طاب ثراه وعبر عنه في بعض كتبه بحد المفصل وفي بعضها بمجمع الساق و القدم بالناتي وسط القدم وفي بعضها بالمفصل وصب عبارات الأصحاب عليه وقال في المنتهى بعد ما فسره بالناتي في وسط القدم قد تشتبه عبارة علمائنا على بعض من لا مزيد تحصيل له في معنى الكعب والضابط فيه ما رواه زرارة وبكير في الصحيح ثم أورد الرواية الأولى وقال في المختلف يراد بالكعبين هنا المفصل بين الساق والقدم وفي عبارة علمائنا اشتباه على غير المحصل واستدل بتلك الرواية وبان استيعاب ظهر القدم كما يعطيه بعض الروايات يوجب الانتهاء إليه وانما عبر قدس روحه عنه بالمفصل لموافقة الرواية ولئلا يشتبه بالمعنى الأول وأيضا فالمفصل أظهر للحس والمسح إليه مسح إلى المفصل في الحقيقة وأراد قدس الله روحه باشتباه عبارة علمائنا انها لما كانت مجمله بحيث يحتمل المعنى الأول والثالث بل ظاهرها أقرب إلى الأول وقع الاشتباه فيها على غير المحصلين فحملوها على المعنى الأول والتحقيق يقتضي حملها على الثالث وهو الذي انطبق على الرواية الصحيحة واعتضد بكلماء علماء التشريح وشاع نسبته إلى كل من قال بالمسح ولا باس بنقل عبارات بعض الأصحاب ليظهر في الجملة ويتضح انها غير أبية على الانطباق على ما ذكره قدس الله روحه قال ابن الجنيد الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق وهو المفصل الذي قدام العرقوب وقال السيد المرتضى رضي الله عنه الكعبان هما العظمان الناتيان في ظهر القدم عند معقد الشراك وقال الشيخ الكعبان هما العظمان الناتيان في وسط القدم وقال أبو الصلاح الكعبان معقد الشراك وقال ابن أبي عقيل الكعبان ظهر القدم وقال ابن إدريس الكعبان هما العظمان اللذان في ظهر القدمين عند معقد الشراك وقال المحقق في المعتبر الكعبان عندنا هما العظمان الناتيان في وسط القدم وهما معقدا الشراك ثم استدل على ذلك بالرواية الأولى كما فعل العلامة في المنتهى والمختلف هذه عبارات أصحابنا رضي الله عنهم ولا يخفى عدم إبائها عن الانطباق على ما قاله العلامة طاب ثراه فإنه قدس الله روحه لا ينكر ان الكعب عظم نأت في وسط القدم كيف وقد فسره بذلك في المنتهى والتذكرة وغيرهما ولكنه يقول ليس هو العظم الواقع امام الساق بين المفصل والمشط بل هو العظم الواقع في ملتقى الساق والقدم وهو الذي ذكره المشرحون وغيرهم وأنت خبير بان تنزيل عبارات الأصحاب على هذا المعنى غير بعيد نعم عبارة المفيد رحمه الله صريحة في المعنى الأول فذكره لها في المختلف في بعض هذه العبارات ليس على ما ينبغي ولعله طاب ثراه حمل المشط في كلامه على نفس القدم وجعل قوله امام الساقين بالنظر إلى امتداده القامة لكنه محمل بعيد والله أعلم بحقايق الأمور واعلم أن كتب العامة مشحونة بذكر ما ذهب إليه علماء الخاصة رضي الله عنهم من أن الكعب هو ذلك العظم الواقع في ملتقى الساق والقدم المعبر عنه بالمفصل قال الفخر الرازي في تفسيره عند قوله تعالى وأرجلكم إلى الكعبين قالت الامامية وكل من ذهب إلى وجوب المسح ان الكعب عبارة عن عظم مستدير مثل كعب البقر والغنم موضوع تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق والقدم وهو قول محمد بن الحسن وكان الأصمعي يختار هذا القول ثم قال حجة الامامية ان اسم الكعب يطلق على العظم المخصوص الموجود في أرجل جميع الحيوانات فوجب ان يكون في حق الانسان كذلك والمفصل يمسى كعبا ومنه كعاب الرمح لمفاصله فوجب ان يكون الكعب انتهى كلامه وقال صاحب الكشاف عند تفسير هذه الآية لو أريد المسح لقيل إلى الكعاب لان الكعب هناك مفصل القدم وهو واحد في كل رجل فان أريد
(١٩)