ذلك ما تضمنه الحديث الثامن من اطلاقه عليه السلام عدم الإعادة الشامل للوقت وخارجه مؤكدا ذلك بما فيه شايبة التعليل من قوله عليه السلام قد مضت الصلاة وكتبت له وإلى هذا ذهب الشيخ طاب ثراه في بعض أقواله كما حكاه العلامة في التذكرة واليه مال المحقق في المعتبر فإنه قال بعد نقل الحديث الثامن وعندي ان هذه الرواية حسنة والأصول تطابقها لأنه صلى صلاة مشروعة مأمورا بها فسقط الفرض ويؤيد ذلك قوله (صلى الله عليه وآله) عليه السلام غفر لامتي الخطأ والنسيان انتهى كلامه ووصفه رحمه الله تلك الرواية بالحسن مع أنها صحيحة بغير مرية جار على ما قلناه في الفصل السابق والشيخ في الاستبصار جمع بين هذه الأخبار بحمل ما تضمن الإعادة على أن المراد به مع بقاء الوقت وما تضمن عدم الإعادة على إذا ما خرج الوقت واستدل على هذا الجمع بما تضمنه الحديث العاشر من أن الرجل إذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصلاة الا ما كان في وقت وهو غير بعيد وقول زرارة فان ظننت انه قد اصابه إلى اخره وقوله عليه السلام لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت ربما استفيد منه ان ظن النجاسة لا يقوم مقام العلم وان الظن قد يطلق عليه اسم الشك وليس بشئ فان قول زرارة فنظرت فلم أر شيئا يعطي تغير ذلك الظن وقوله عليه السلام ثم شككت ينبئ عن انقلاب ذلك الظن بسبب عدم الرؤية شكا وقد دل هذا الحديث على أن من شك في أن النجاسة هل أصابت ثوبه فليس عليه ان ينظر إلى الثوب ويستعلم الحال ليصير على يقين من امره بل يستصحب طهارة الثوب إلى أن يتحقق ما يزيلها والمراد ان هذا التفحص ليس أمرا واجبا عليه بحيث يعاقب على تركه والظاهر أنه لو تفحص لاستعلام الحال تحصيلا لليقين واحتياطا لأمر الدين واهتماما بشأن العبادة لكان مثابا وممتثلا لقوله صلى الله عليه وآله دع ما يريبك إلى ما لا يريبك واعلم أن بعض الأصحاب جعل ما تضمنه هذا الحديث من قول زرارة ان رأيته في ثوبي وانا في الصلاة وقوله عليه السلام في جوابه تنقض الصلاة دالا على أن من علم النجاسة في ثوبه ثم نسيها ورآها في أثناء الصلاة فإنه يقطع الصلاة وهو مبني على أن هذا القول من زرارة مندرج تحت قوله في أول الحديث أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره إلى قوله ونسيت ان بثوبي شيئا وان قوله عليه السلام تنقض الصلاة منقطع عن قوله وتعيد إذا شككت إلى اخره وهو كما ترى فان من تأمل هذا الحديث لا يرتاب في أن هذا القول من زرارة غير مندرج تحت كلامه ذاك ولا منخرط في سلكه ولا في أن قوله عليه السلام تنقض الصلاة غير منقطع عن قوله وتعيد إذا شككت بل هو مرتبط به وظني ان هذا القول من زرارة ان جعل مرتبطا بما قبله فليجعل مرتبطا بقوله فهل علي ان شككت فكأنه قال إذا شككت قبل الصلاة في اصابته ثوبي ثم رأيته فيه وانا في الصلاة فما الحكم فاجابه عليه السلام بأنه إذا سبق شكك في موضع من الثوب انه اصابه نجاسة ثم رأيتها و أنت في الصلاة فانقض الصلاة واعدها وان لم يكن سبق منك شك في إصابة النجاسة وكنت خالي الذهن من ذلك ثم رأيته على وجه يحتمل تجدده في ذلك الوقت قطعت الصلاة وغسلته ثم تبينت ولعل بعض الشقوق الاخر المحتملة كان زرارة عالما بها فلذلك سكت عليه السلام عن التعرض لها وقوله عليه السلام في الحديث الثاني ان رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة يشمل ما إذا كان عالما به قبل الصلاة وسهى عن غسله ثم علم به في أثنائها أو بعدها وما إذا لم يكن عالما به قبلها ثم علم به خلالها أو بعدها وقوله عليه السلام فعليك إعادة الصلاة يشمل باطلاقه الإعادة في الوقت وخارجه لكن بعض هذه الصور خرج بما نقله بعض المتأخرين من الاجماع على عدم وجوب القضاء لو كان جاهلا بالنجاسة فصلى ولم يعلم بها حتى خرج الوقت
(١٧٤)