مع ما بنوه عليها من الاحكام مشهورة وان كان للكلام في مستند بعض تلك الأحكام مجال واسع والصلاة في قوله عليه السلام ويعيد الصلاة المراد بها الواقعة بعد خروج البلل واما المتوسط بينه وبين الغسل فينبغي ان لا يرتاب في صحتها لان الخارج حدث جديد ونقل ابن إدريس رحمه الله عن بعض الأصحاب القول بلزوم اعادتها قال شيخنا الشهيد طاب ثراه في الذكرى ولعل مستنده الحديث المتقدم عن محمد وهو ابن مسلم ويمكن حمله على الاستحباب أو على من صلى بعد وجدان البلل و ربما يخيل فساد الغسل الأول لان المني باق بحاله في مخرجه لا في مقرة كما قاله بعض العامة وهو خيال ضعيف لان المتعبد به هو الغسل مما خرج لا مما بقي ولهذا لو حبسه لم يجب الغسل الا بعد خروجه عندنا وعند أكثرهم انتهى كلامه أعلى الله مقامه وما تضمنه الحديث السادس والسابع من وضوء النبي صلى الله عليه وآله بمد وغسله بصاع مما استدل به على استحباب بلوغ كل من ماء الوضوء والغسل ذلك المقدار وفي كلام بعض العامة ان معنى الحديث انه صلى الله عليه وآله كان يتوضأ بمد من ذلك الصاع فيكون اغتساله بثلاثة امداد وفساده ظاهر وقد فسر الشيخ في التهذيب الرطل الذي اشتمل هذا الحديث على ذكره برطل المدينة قال فيكون تسعة أرطال بالعراقي وربما يستفاد من الحديث السابع تأدي السنة بخمسة امداد للرجل والمرأة المتشاركين في الحكم وحكمه عليه السلام بان من انفرد بالغسل فلابد له من صاع واحد محمول على التأكيد والمبالغة في بلوغ ماء الغسل ذلك المقدار ثم الظاهر من هذا الحديث ان ماء غسل الفرجين محسوب من ماء الغسل حيث أورده عليه السلام في جواب السؤال عن كيفية الغسل وفى المنتهى ان التقدير لم يحصل بعد الاغتسال بل قبله وذلك يستلزم ادخال ماء غسل الفرجين في المقدار انتهى وللبحث فيه مجال والله أعلم وما تضمنه الحديث الثامن من عدم جواز اللبث في المسجد للجنب هو المعروف من مذهب الأصحاب رضي الله عنهم ولم يخالف في ذلك سوى سلار رحمه الله فقد جوزه على كراهية وقد تضمن هذا الحديث التنبيه على الاستدلال على عدم جوازه بالآية الكريمة أعني قوله جل وعلا يا أيها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا فالمراد بالصلاة ح مواضعها أعني المساجد من قبيل تسمية المحل باسم الحال أو على حذف مضاف والمعنى والله أعلم لا تقربوا المساجد في حالتين إحديهما حالة السكر فان الأغلب ان الذي يأتي المسجد انما يأتيه للصلاة وهي مشتملة على أذكار وأقوال يمنع السكر من الاتيان بها على وجهها والحالة الثانية حالة الجنابة واستثنى من هذه الحالة ما إذا كنتم عابري سبيل أي مارين في المسجد مجتازين فيه وتفسير الآية على هذا الوجه منقول أيضا عن جماعة من خواص الصحابة و التابعين وفيها وجه اخر نقله بعض المفسرين عن ابن عباس وسعيد بن جبير وربما رواه بعضهم عن أمير المؤمنين عليه السلام وهو ان المراد والله أعلم لا تصلوا في الحالين حال السكر وحال الجنابة واستثنى من حال الجنابة إذا كنتم عابري سبيل اي مسافرين فيجوز لكم حينئذ الصلاة بالتيمم الذي لا يرتفع به الحدث وانما يباح به الدخول في الصلاة وعمل أصحابنا رضي الله عنهم على الوجه الأول وربما رجح على الثاني بسلامته من شائبة التكرار فإنه سبحانه بين حكم الجنب العادم للماء في آخر الآية واما الرواية التي رووها عن أمير المؤمنين عليه السلام فلم تثبت وقد بقي للآية الكريمة وجه ثالث حكاه بعض فضلاء فن العربية من أصحابنا في كتاب الفه في الصناعات البديعية وهو ان يكون الصلاة في قوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى على معناها الحقيقي ويراد بها في قوله جل وعلا ولا جنبا الا عابري سبيل مواضعها أعني المساجد قال رحمه الله في الكتاب المذكور عند ذكر الاستخدام
(٤٤)