الناس قد عسكروا، قال: قلت: ما شأنهم؟ قال: فقالوا: بلغهم أن قوما قد ساروا إلى عثمان فعسكروا ليدركوه فينصروه، فقام ابن عامر فقال: إن أمير المؤمنين صالح، وقد انصرف عنه القوم، فرجعوا إلى منازلهم فلم يفجأهم إلا قتله، قال: فقال أبي: فما رأيت يوما قط كان أكثر شيخا باكيا تخلل الدموع لحيته من ذلك اليوم، فما لبث إلا قليلا حتى إذا الزبير وطلحة قد قدما البصرة، قال: فما لبثت بعد ذلك إلا يسيرا حتى إذا علي أيضا قد قدم، فنزل بذي قار: فقال لي شيخان من الحي: اذهب بنا إلى هذا الرجل، فلننظر إلى ما يدعو، وأي شئ جاء به، فخرجنا حتى إذا دنونا من القوم وتبينا فساطيطهم إذا شاب جلد غليظ خارج من العسكر، قال العلاء، رئيت أنه قال: على بغل، فلما أن نظرت إليه شبهته المرأة التي رأيتها عند رأس المريض في النوم، فقلت لصاحبي:
لئن كان للمرأة التي رأيت في المنام عند رأس المريض أخ إن ذا لأخوها، قال: فقال لي أحد الشيخين الذين معي: ما تريد إلى هذا؟ قال: وغمزني بمرفقه، قال الشاب: أي شئ قلت؟ قال: فقال أحد الشيخين: لم يقل شيئا، فانصرف، قال: لتخبرني ما قلت، قال:
فقصصت عليه الرؤيا، قال: لقد رأيت؟ قال: وارتاعوا ثم لم يضل يقول: لقد رأيت لقد رأيت، حتى انقطع عنا صوته، قال: فقلت لبعض من لقيت من الرجل الذي رأينا آنفا، قال محمد بن أبي بكر، قال: فعرفنا أن المرأة عائشة، قال: فلما أن قدمت العسكر قدمت على أدهى العرب - يعني عليا قال: والله لدخل علي في نسب قومي حتى جعلت أقول: والله لهو أعلم بهم مني، حتى قال: أما إن بني راسب بالبصرة أكثر من بني قدامة، قال: قلت أجل، قال: فقال: أسيد قومك أنت؟ قلت: لا، وإني فيهم لمطاع، ولغيري أسود، وأطوع فيهم مني، قال: فقال: من سيد بني راسب؟ قلت: فلان، قال فسيد بني قدامة؟ قال: قلت: فلان - لآخر، قال: هل أنت مبلغهما كتابين مني؟ قلت: نعم، قال:
ألا تبايعون؟ قال: فبايع الشيخان اللذان معي، قال: وأضب قوم كانوا عنده، قال: وقال أبي بيده: كأن فيهم خفة، قال: فجعلوا يقولون: بايع بايع، قال: وقد أكل السجود وجوههم، قال: فقال إلى القوم: دعوا الرجل، قال: فقال أبي: إنما بعثني قومي رائدا وسأنهي إليهم ما رأيت، فإن بايعوك بايعتك، وإن اعتزلوك اعتزلتك، قال: فقال علي:
أرأيت لو أن قومك بعثوك رائدا فرأيت روضة وغديرا فقلت: يا قوم! النجعة النجعة، فأبوا، ما أنت منتجع بنفسك؟ قال: فأخذت بأصبع من أصابعه، ثم قلت: نبايعك على