اقتلوني والأشتر، ولا أن كل مذحجية ولدت غلاما، فقال أبي: إني اعتمرتها في غفلة، قلت: ما ينفعك أنت إذا قلت أن تلد كل مذحجية غلاما، قال: ثم دنا منه أبي فقال:
أوص بي صاحب البصرة، فإن لي مقاما بعدكم، قال: فقال: لو قد رآك صاحب البصرة لقد أكرمك، قال: كأنه يرى أنه الأمير، قال: فخرج أبي من عنده فلقيه رجل، قال:
فقال: قد قام أمير المؤمنين قبل خطيبا، فاستعمل ابن عباس على أهل البصرة، وزعم أنه سائر إلى الشام يوم كذا وكذا، قال: فرجع أبي فأخبر الأشتر، قال: فقال لأبي، أنت سمعته؟ قال: فقال أبي: لا، قال: فنهره، وقال: اجلس، إن هذا هو الباطل، قال: فلم أبرح أن جاء رجل فأخبره مثل خبري، قال: فقال: أنت سمعت ذاك؟ قال: فقال: لا، فنهره نهرة دون التي نهرني، قال: لحظ إلي وأنا في جانب القوم، أي إن هذا قد جاء بمثل خبرك، قال: فلم ألبث أن جاء عتاب التغلبي والسيف يخطر - أو يضطرب - في عنقه فقال: هذا أمير مؤمنيكم قد استولى ابن عمه على البصرة، وزعم أنه سائر إلى الشام يوم كذا وكذا، قال: قال له الأشتر: أنت سمعته يا أعور؟ قال: أي والله يا أشتر لأنا سمعته بأذني هاتين، فتبسم تبسما فيه كشور، قال: فقال: فلا ندري إذا علام قتلنا الشيخ بالمدينة؟ قال: ثم قال: المذحجية توقوا فاركبوا، فركب، قال: وما أراه يريد يومئذ إلا معاوية، قال: فهم علي أن يبعث خيلا تقاتله، قال: ثم كتب إليه أنه لم يمنعني من تأميرك أن لا تكون لذلك أهلا، ولكني أردت لقاء أهل الشام وهم قومك، فأردت أن استظهر بك عليهم، قال: ونادى في الناس بالرحيل، قال: فأقام الأشتر حتى أدركه أوائل الناس، قال: وكان قد وقت لهم يوم الاثنين، فماريت، فلما صنع الأشتر ما صنع نادى في الناس قبل ذلك بالرحيل.
(2) حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن رجل قد سماه قال: شهدت يوم الجمل فما دخلت دار الوليد إلا ذكرت يوم الجمل، ووقع السيوف على المبيض قال: كنت أرى عليا يحمل فيضرب بسيفه حتى ينثني ثم يرجع فيقول: لا تلوموني، ولوموا هذا، ثم يعود فيقومه.
(3) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن ميسرة أبي جميلة قال: إن أول يوم تكلمت الخوارج يوم الجمل قالوا: ما أحل لنا دماءهم وحرم علينا ذراريهم وأموالهم، قال: فقال