ما ينزله على رسله وهذا الشاهد من بني إسرائيل هو عبد الله بن سلام كما قال الحسن ومجاهد وقتادة وغيرهم وفي هذا نظر فإن السورة مكية بالإجماع وعبد الله بن سلام كان إسلامه بعد الهجرة فيكون المراد بالشاهد رجلا من أهل الكتاب قد آمن بالقرآن في مكة وصدقه واختار هذا ابن جرير والراجح أنه عبد الله بن سلام وأن هذه الآية مدنية لا مكية وعن ابن عباس قال هو عبد الله بن سلام وقد روي نحو هذا عن جماعة من التابعين وفيه دليل على أن هذه الآية مدنية فيخصص بها عموم قولهم إن سورة الأحقاف كلها مكية وإياه ذكر الكراشي وكونه إخبارا قبل الوقوع خلاف الظاهر ولذا قيل لم يذهب أحد أن الآية مكية إذا فسر الشاهد بابن سلام وفيه بحث لأنه قوله وشهد شاهد معطوف على الشرط الذي يصير به الماضي مستقبلا فلا ضرر في شهادة الشاهد بعد نزولها وادعاء أنه لم يقل به أحد من السلف مع ذكره في شروح الكشاف لا وجه له إلا أن يراد من السلف المفسرون قاله الشهاب كذا في فتح البيان قلت حديث عبد الله بن سلام وهذا صريح في أن هذه الآية نزلت فيه وحديث عوف بن مالك عند ابن حبان وحديث ابن عباس عند ابن مردويه أيضا يدلان على أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن سلام كما في فتح الباري وهو القول الراجح واستكبرتم أي آمن الشاهد واستكبرتم أنتم عن الإيمان وجواب الشرط بما يدل عليه ألستم ظالمين دل عليه إن الله لا يهدي القوم الظالمين فحرمهم الله سبحانه الهداية بظلمهم لأنفسهم بالكفر بعد قيام الحجة الظاهرة على وجوب الإيمان ومن فقد هداية الله له ضل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم أي على صدقي (ومن عنده علم الكتاب) قيل هو عبد الله بن سلام وقيل هم مؤمنو أهل الكتاب وهذه الآية في آخر سورة الرعد (مغمودا) أي مستورا في غلافه (فالله الله) بالنصب فيهما أي اتقوا الله (في هذا الرجل) أي عثمان رضي الله عنه (أن تقتلوه) بدل اشتمال من هذا الرجل (لتطردن) أي لتبعدن (جيرانكم) بالنصب على المفعولية (الملائكة) بالنصب على البدلية (ولتسلن) أي لتنتزعن (فلا يغمد) بصيغة المجهول قال في مختار الصحاح غمد السيف من باب ضرب ونصر جعله في غمده فهو مغمود وأغمده أيضا فهو مغمد وهما لغتان فصيحتان (اقتلوا اليهودي) أي عبد الله بن سلام قوله
(٩٩)