قول ابن مسعود هذا وفيما قبله تعريض بالرجل القاص الذي كان يقول يجئ يوم القيامة كذا فأنكر ابن مسعود ذلك وقال لا تتكلفوا فيما لا تعلمون وبين قصة الدخان وقال إنه كهيئة إلخ وذلك قد كان ووقع قال العيني فيه خلاف فإنه روي عن ابن عباس وابن عمر وزيد بن علي والحسن أنه دخان يجئ قبل قيام الساعة إنتهى وقال الحافظ وهذا الذي أنكره ابن مسعود قد جاء عن علي فأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم من طريق الحارث عن علي قال آية الدخان لم تمض بعد يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وينفخ الكافر حتى ينفد ويؤيد كون آية الدخان لم تمض ما أخرجه مسلم من حديث أبي شريحة رفعه لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة الحديث وروى الطبري من حديث ربعي عن حذيفة مرفوعا في خروج الآيات والدخان قال حذيفة يا رسول الله وما الدخان فتلا هذه الآية قال أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة وأما الكافر فيخرج من منخريه وأذنيه وإسناده ودبره ضعيف وذكر الحافظ روايات أخرى ضعيفة ثم قال لكن تضافر هذه الأحاديث يدل على أن لذلك أصلا انتهى قال العيني في العمدة وقال ابن دحية الذي يقتضيه النظر الصحيح حمل أمر الدخان على قضيتين إحداهما وقعت وكانت والأخرى ستقع أي بقرب القيامة (استعصوا عليه) أي أظهروا العصيان ولم يتركوا الشرك بسبع أي بسبع سنين فيها جدب وقحط فأخذتهم سنة بفتح السين وهي الجدب والقحط فأحصت كل شئ أي استأصلته وفي بعض النسخ فحصت كل شئ أي أذهبته والحص إذهاب الشعر عن الرأس بحلق أو مرض كذا في النهاية (وقال أحدهما) الضمير راجع إلى الأعمش ومنصور (العظام) روى مسلم هذا الحديث من طريق الأعمش وفيه حتى أكلوا العظام ورواه من طريق منصور وفيه حتى أكلوا الجلود والميتة (وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان) وكذلك في رواية البخاري وفي رواية أخرى له فكان يقوم أحدهم فكان يرى بينه وبين السماء مثل الدخان من الجهد والجوع قال الحافظ ولا تدافع بينهما لأنه يحمل على أنه كان مبدأه من الأرض ومنتهاه ما بين السماء والأرض ولا معارضة أيضا بين قوله يخرج من الأرض وبين قوله كهيئة الدخان لاحتمال وجود الأمرين بأن يخرج من الأرض بخار كهيئة الدخان من شدة حرارة الأرض ووهجها من عدم الغيث وكانوا يرون بينهم وبين السماء مثل الدخان من فرط حرارة الجوع أو الذي كان يخرج من الأرض بحسب تخيلهم ذلك من غشاوة أبصارهم من فرط
(٩٥)