(ونحن رفقة من الأنصار) وفي رواية لمسلم كنت جالسا بالمدينة في مجلس الأنصار فأتانا أبو موسى فزعا أو مذعورا (فجعل القوم يمازحونه) وفي رواية لمسلم قال فجعلوا يضحكون قال فقلت أتاكم أخوكم المسلم قد أفزع وتضحكون قال النووي سبب ضحكهم التعجب من فزع أبي موسى وذعره وخوفه من العقوبة مع أنهم قد آمنوا أن يناله عقوبة أو غيرها لقوة حجته وسماعهم ما أنكر عليه من النبي صلى الله عليه وسلم انتهى (ما كنت علمت بهذا) وفي رواية لمسلم فقام أبو سعيد فقال كنا نؤمر بهذا فقال عمر خفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألهاني عنه الصفق بالأسواق قال النووي قد تعلق بهذا الحديث من يقول لا يحتج بخبر الواحد وزعم أن عمر رضي الله عنه رد حديث أبي موسى هذا لكونه خبر واحد وهذا مذهب باطل وقد أجمع من يعتد به على الاحتجاج بخبر الواحد ووجوب العمل به ودلائله من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وسائر الصحابة ومن بعدهم أكثر من أن يحصروا وأما قول عمر لأبي موسى أقم عليه البينة فليس معناه رد خبر الواحد من حيث هو خبر واحد ولكن خاف عمر مسارعة الناس إلى القول على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقول عليه بعض المبتدعين أو الكاذبين أو المنافقين ونحوهم ما لم يقل وإن كل من وقعت له قضية وضع فيها حديثا على النبي صلى الله عليه وسلم فأراد سد الباب خوفا من غير أبي موسى لا شكا في رواية أبي موسى فإنه عند عمر أجل من أن يظن به أن يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل بل أراد زجر غيره بطريقة فإن من دون أبي موسى إذا رأى هذه القضية أو بلغته وكان في قلبه مرض أو أراد وضع حديث خاف مثل قضية أبي موسى فامتنع من وضع الحديث والمسارعة إلى الرواية بغير يقين ومما يدل على أن عمر لم يرد خبر أبي موسى لكونه خبر واحد أنه طلب منه إخبار رجل آخر حتى يعمل بالحديث ومعلوم أن خبر الاثنين خبر واحد وكذا ما زاد حتى يبلغ التواتر فما لم يبلغ التواتر فهو خبر واحد ومما يؤيده أيضا ما ذكره مسلم في الرواية الأخيرة من قضية أبي موسى هذه أن أبيا رضي الله عنه قال يا ابن الخطاب فلا تكونن عذابا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سبحان الله إنما سمعت شيئا فأحببت أن أتثبت انتهى كلام النووي قال ابن بطال فيؤخذ منه التثبت في خبر الواحد لما يجوز عليه من السهو وغيره وقد قيل عمر خبر العدل الواحد بمفرده في توريث المرأة من دية زوجها وأخذ الجزية من المجوس
(٣٨٧)