بها، الفائز صاحبها بالسهم المعلى من السعادة، والمتخلص من مراتب الشقاوة فشرعنا في عمل هذا الكتاب المحتوي على المسائل اللطيفة، والمباحث الدقيقة الشريفة، وإن كان أصحابنا المتقدمون وعلماؤنا السابقون رضوان الله عليهم قد أوضحوا سبيل كل خير ونهجوا طريق كل فائدة، خصوصا شيخنا الأقدم، والإمام الأعظم، المستوجب للكرامة، والمستحق لمراتب الإمامة، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه الشريفة فإنه الواصل بنظره الثاقب إلى أعظم المطالب، ولما انتقل إلى جوار الرحمن، ونزل بساحة الرضوان، درس هذا العلم بعده وطمست معالمه، وانمحت مراسمه، ولم يتعلق المتأخرون بعده إلا بفوائده، ولم يغترفوا إلا من بحر فرائده ولم يستضيئوا إلا بأنواره، ولم يستخرجوا إلا درر نثاره، إلا أن في أصحابنا المتأخرين عنه زمانا، من استنبط بنظره ما لم يثبته في كتبه، وإن كان يسيرا لا اعتداد (1) به، فوضعنا هذا الكتاب الجامع لتلك الفوائد، والحاوي لتلك الفرائد.
هذا مع أن كتابنا هذا لا يخلو عن مطالب دقيقة، ومباحث عميقة، لم توجد في شئ من صحف الأولين، ولم تسطر في دفاتر الأقدمين، مما استنبطناه من فكرنا ونظرنا، ومن الله تعالى نستمد المعونة والتوفيق، وأن يجعل ذلك خالصا لوجهه، عليه توكلت وإليه أنيب.