حديث: يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة، نرى أنه مالك بن أنس، والحديث المذكور أخرجه أحمد والترمذي وحسنه، والنسائي والحاكم في المستدرك وصححه من حديث أبي هريرة مرفوعا. وقال ابن مهدي: سفيان الثوري إمام في الحديث وليس بإمام في السنة، والأوزاعي إمام في السنة وليس بإمام في الحديث، ومالك بن أنس إمام فيهما جميعا.
سئل ابن الصلاح في فتاويه عن معنى هذا الكلام فقال: السنة ههنا ضد البدعة، فقد يكون الانسان عالما في الحديث ولا يكون عالما بالسنة. وقال البخاري: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: من أثبت أصحاب الزهري؟ قال:
مالك أثبت في كل شئ. وقال ابن معين: كان مالك بن حجج الله على خلقه، وقال ابن عيينة.
كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا، ولا يحدث إلا عن ثقات الناس، وما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موت مالك.
أخرج أبو نعيم في الحلية عن المثنى بن سعيد النضيري قال: سمعت مالكا يقول: ما بت ليلة إلا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. مرض مالك يوم الأحد فأقام مريضا اثنين وعشرين يوما ومات يوم الأحد لعشر خلون، وقيل لأربع عشرة خلت من ربيع الأول سنة تسع وستين ومائة. قال سحنون عن عبد الله بن نافع: توفي مالك وهو ابن سبع وثمانين سنة وأقام مفتيا بالمدينة بين أظهرهم ستين عن عبد الله بن نافع: توفي مالك وهو ابن سبع وثمانين سنة وأقام مفتيا بالمدينة بين أظهرهم ستين سنة وترك من الأولاد يحيى ومحمدا وحمادا وأم أبيها، وبلغت تركته ثلاث آلاف دينار وثلاثمائة دينار. قال بكر بن سليم الصواف: دخلنا على مالك في العشية التي قبض فيها فقلنا: يا أبا عبد الله! كيف تجدك؟ قال: ما أرى ما أقول لكم إلا أنكم ستعاينون غدا من عفو الله ما لم يكن لكم في حساب. قال: ثم ما برحنا حتى غمضنا. أخرجه الخطيب وقال القاضي عياض في المدارك: رأى عمر بن سعد الأنصاري ليلة مات مالك قائلا يقول:
لقد أصبح الاسلام زعزع ركنه * عداة ثوى الهادي لدى ملحد القبر إمام الهدى لا زال للعلم صلينا * عليه سلام الله في آخر الدهر أخرج الخطيب عن عمرو بن عثمان الزهري قال: دخل شاعر مالك بن أنس فمدحه:
أخرج الخطيب عن عمرو بن عثمان الزهري قال: دخل شاعر على مالك بن أنس فمدحه:
يأتي الجواب فلا يراجع هيبة * والسائلون نواكس الأذقان أدب الوقار وعز سلطان التقى * فهو المطاع وليس ذا سلطان الفائدة الثانية: أخرج الهروي في كتاب ذم الكلام من طريق الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يكتب السنن واستشار فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار عليه عامتهم بذلك فلبث عمر شهرا يستخير الله تعالى في ذلك شاكا فيه، ثم أصبح يوما وقد عزم الله تعالى له فقال: إني كنت ذكرت لكم من كتابة السنن ما قد علمتهم ه، ثم تذكرت فإذا أناس من أهل الكتاب قبلكم قد كتبوا مع كتاب الله كتبا فأكلوا عليها وتركوا كتاب الله وإني والله لا ألبس كتاب الله بشئ، فترك كتاب السنن. وقال ابن سعد في الطبقات: أنا قبيصة بن عقبة، أنا سفيان عن معمر عن الزهري قال: أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يكتب السنن فاستخار الله شهرا ثم أصبح وقد عزم له، فقال: ذكرت قوما كتبوا فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله.